قاعدة اشتراك الحكم الشرعيّ بين العالم والجاهل مورداً للقبول على وجه العموم بين أصحابنا ، إلاّإذا دلّ دليل خاصّ على خلاف ذلك في مورد.
وقد يبرهن على هذه القاعدة عن طريق إثبات استحالة اختصاص الحكم بالعالم ؛ لأنّه يعني أنّ العلم بالحكم قد اخذ في موضوعه ، وينتج عن ذلك تأخّر الحكم رتبةً عن العلم به وتوقّفه عليه وفقاً لطبيعة العلاقة بين الحكم وموضوعه.
ولكن قد مرّ بنا في الحلقة السابقة (١) : أنّ المستحيل هو أخذ العلم بالحكم المجعول في موضوعه لا أخذ العلم بالجعل في موضوع الحكم المجعول فيه.
ويترتّب على ما ذكرناه من الشمول : أنّ الأمارات والاصول التي يرجع اليها المكلّف الجاهل في الشبهة الحكمية أو الموضوعية قد تصيب الواقع ، وقد تخطئ ، فللشارع إذن أحكام واقعية محفوظة في حقّ الجميع ، والأدلّة والاصول في معرض الإصابة والخطأ ، غير أنّ خطأها مغتفر ؛ لأنّ الشارع جعلها حجّة ، وهذا معنى القول بالتخطئة.
وفي مقابله ما يسمّى بالقول بالتصويب ، وهو : أنّ أحكام الله تعالى ما يؤدّي إليه الدليل والأصل ، ومعنى ذلك أنّه ليس له من حيث الأساس أحكام ، وإنّما يحكم تبعاً للدليل أو الأصل ، فلا يمكن أن يتخلّف الحكم الواقعيّ عنهما.
وهناك صورة مخفَّفة للتصويب ، مؤدّاها : أنّ الله تعالى له أحكام واقعية ثابتة من حيث الأساس ؛ ولكنّها مقيّدة بعدم قيام الحجّة من أمارةٍ أو أصلٍ على
__________________
(١) ضمن مباحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : أخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم.