الخامس : احتمال وجود قرينةٍ متّصلةٍ التفت اليها السامع ولكنّه لم ينقلها إلينا ؛ ولو من أجل أنّها كانت متمثّلةً في لحن الخطاب ، أو قسمات وجه المتكلّم ، ونحو ذلك مما لا يعتبر لفظاً.
والفرق بين المقصود بالإفهام وغيره : أنّ المقصود بالإفهام لا يوجد الاحتمال الأول بشأنه ، وكذلك الاحتمال الرابع ، كما أنّ الاحتمال الخامس غير موجودٍ في شأن السامع المحيط بالمشهد ، سواء كان مقصوداً بالإفهام ، أوْ لا.
وحجِّية الظهور في حقّ غير السامع ممّن لم يقصد إفهامه تتوقّف على وجود حيثيات كشفٍ مبرِّرةٍ عقلائيةٍ لإلغاء الاحتمالات الخمسة بشأنه ، وهي موجودة فعلاً بالبيان التالي :
أمّا الاحتمال الأول فينفى بظهور حال المتكلّم في كونه في مقام تفهيم مراده بكلامه.
وأمّا الاحتمال الثاني فينفى بظهور حاله في أنّ ما يقوله يريده ، أي أنّه في مقام تفهيم مراده بشخص كلامه.
وأمّا الاحتمال الثالث فينفى بأصالة عدم الغفلة.
وأمّا الاحتمال الرابع ـ وهو ما أبرزه المفصِّل ـ فينفى بظهور حال المتكلِّم العرفي في استعمال الأدوات العرفية للتفهيم ، والجري وفق أساليب التعبير العام.
وأمّا الاحتمال الخامس فينفى بشهادة الناقل ـ ولو ضمناً ـ بعدم حذف ما لَه دخل من القرائن الخاصّة في فهم المراد.
القول الثاني (١) : وتوضيحه أنّ ظهور الكلام يقتضي بطبعه حصول الظنّ
__________________
(١) حكى الشيخ الأنصاري هذا القول عن لسان بعض متأخّري المتأخّرين من معاصريه ، انظر فرائد الاصول ١ : ١٧٠.