أصالة عدم الغفلة لنفيه ، فلا يكون الظهور حجّةً في حقّه.
وقد اعترض على ذلك جملة من المحقّقين (١) : بأنّ أصالة عدم القرينة أصل عقلائي برأسه يجري لنفي احتمال القرينة في الحالة المذكورة ، وليس مردّها إلى أصالة عدم الغفلة ليتعذّر إجراؤها في حقّ غير المقصود بالإفهام الذي يحتمل تواطؤ المتكلّم مع من يقصد إفهامه على القرينة.
والتحقيق أنّ هذا المقدار من البيان لا يكفي ؛ لأنّ الأصل العقلائي لابدّ أن يستند إلى حيثية كشفٍ نوعية ، لئلاّ يكون أصلاً تعبّدياً على خلاف المرتكزات العقلائية ، [وهذه الحيثيّة] متوفّرة لنفي احتمال القرينة المتصلة الناشئ من احتمال غفلة السامع عنها. فإذا اريد نفي احتمال القرينة المتصلة الناشئ من سائر المناشئ أيضاً بأصلٍ عقلائيٍّ فلابدّ من إبراز حيثية كشف نوعيةٍ تنفي ذلك ، وعلى هذا الأساس ينبغي أن نفتِّش عن مناشئ احتمال إرادة خلاف الظاهر عموماً ، وملاحظة مدى إمكان نفي كلّ واحدٍ منها بحيثية كشفٍ نوعيةٍ مصحِّحةٍ لإجراء أصلٍ عقلائيٍّ مقتض لذلك.
ومن هنا نقول : إنّ شكّ الشخص غير المقصود بالإفهام في إرادة المتكلِّم للمعنى الظاهر ينشأ من أحد امور :
الأول : احتمال كون المتكلِّم متستِّراً بمقصوده وغير مريدٍ لتفهيمه بكلامه.
الثاني : احتمال كونه معتمداً على قرينةٍ منفصلة.
الثالث : احتمال كونه معتمداً على قرينةٍ متصلةٍ غفل عنها السامع.
الرابع : احتمال كونه معتمداً على قرينةٍ ذات دلالةٍ خاصّةٍ متَّفقٍ عليها بين المتكلم وشخص آخر ، كان نظر المتكلّم إليه.
__________________
(١) كالمحقّق النائيني في فوائد الاصول ٣ : ١٣٩ ، والسيّد الخوئي في مصباح الاصول ٢ : ١٢٠.