مسائل العلم متعدّدةً ومتغايرةً فيستحيل أن تكون هي المؤثّرة بما هي كثيرة في ذلك الغرض الواحد ، بل يتعيّن أن تكون مؤثّرةً بما هي مصاديق لأمرٍ واحد. وهذا يعني فرض قضيةٍ كلّيّةٍ تكون بموضوعها جامعةً بين الموضوعات ، وبمحمولها جامعةً بين المحمولات للمسائل ، وهذه القضية الكلّية هي المؤثرة ، وبذلك يثبت أنّ لكلّ علمٍ موضوعاً ؛ وهو موضوع تلك القضية الكلّية فيه (١).
وقد اجيب على ذلك : بأنّ الواحد على ثلاثة أقسام : واحد بالشخص ، وواحد بالنوع وهو الجامع الذاتيّ لأفراده ، وواحد بالعنوان ، وهو الجامع الانتزاعيّ الذي قد ينتزع من أنواعٍ متخالفة. واستحالة صدور الواحد من الكثير تختصّ بالأوّل (٢) ، والغرض المفترض لكلّ علمٍ ليست وحدته شخصيّة ، بل نوعيّةً (٣) أو عنوانيّة (٤) ، فلا ينطبق برهان تلك الاستحالة في المقام.
وهكذا يرفض بعض المحقّقين (٥) الدليل على وجود موضوعٍ لكلّ علم ، بل قد يبرهن على عدمه : بأنّ بعض العلوم تشتمل على مسائل موضوعها الفعل والوجود ، وعلى مسائل موضوعها الترك والعدم ، وتنتسب موضوعات مسائله إلى مقولاتٍ ماهويّةٍ وأجناسٍ متباينة ، كعلم الفقه الذي موضوع مسائله الفعل تارةً
__________________
(١) تجد خلاصة هذا البيان مع الإيراد عليه في ألسنة جملة من الاصوليّين ، منهم المحقّق الإصفهاني رحمهالله في نهاية الدراية ١ : ٣٤ ، والسيّد الخوئي رحمهالله في هامش كتاب أجود التقريرات ١ : ٤.
(٢) كما ادّعاه السيّد الخوئي رحمهالله في المصدر السابق.
(٣) كما ادّعاه السيّد الخوئي رحمهالله في المصدر السابق.
(٤) كما ادّعاه المحقّق الإصفهاني رحمهالله في نهاية الدراية ١ : ٣٤.
(٥) منهم المحقّق العراقي رحمهالله في المقالات ١ : ٣٧ ، والسيّد الخوئي رحمهالله في المحاضرات ١ : ٢٠.