بالآيات الناهية عن العمل بالظنّ الشاملة بإطلاقها لخبر الواحد.
وتوجد عدّة أجوبةٍ على هذا الاعتراض :
الجواب الأول : ما ذكره المحقّق النائينيّ (١) رحمهالله من : أنّ السيرة حاكمة على تلك الآيات ؛ لأنّها تخرج خبر الثقة عن الظنّ وتجعله عِلماً بناءً على مسلك جعل الطريقية في تفسير الحجّية.
ونلاحظ على ذلك :
أولاً : أنّه إذا كان معنى الحجّية جعل الأمارة علماً كان مفاد الآيات النافية لحجّية غير العلم نفيَ جعلها علماً ، وهذا يعني أنّ مدلولها في عرض مدلول ما يدلّ على الحجّية ، وكلا المدلولين موضوعهما ذات الظنّ ، فلا معنى لحكومته المذكورة.
ثانياً : أنّ الحاكم إن كان هو نفس البناء العقلائي فهذا غير معقول ؛ لأنّ الحاكم يوسِّع موضوع الحكم أو يضيِّقه في الدليل المحكوم ، وذلك من شأن نفس جاعل الحكم المراد توسيعه أو تضييقه ، ولا معنى لِأَنْ يوسِّع العقلاء أو يضيّقوا حكماً مجعولاً من قبل غيرهم.
وإن كان الحاكم الموسِّع والمضيِّق هو الشارع بإمضائه للسيرة فهذا يعني أنّه لابدّ لنا من العلم بالإمضاء لكي نحرز الحاكم. والكلام في أنّه كيف يمكن إحراز الإمضاء مع وجود النواهي المذكورة الدالّة على عدم الحجّية؟
الجواب الثاني : ما ذكره صاحب الكفاية (٢) رحمهالله من : أنّ الردع عن السيرة بتلك العمومات الناهية غير معقول ؛ لأنّه دور. وبيانه : أنّ الردع بالعمومات عنها
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) كفاية الاصول : ٣٤٨.