الطائفة العاشرة : ما دلّ بشكلٍ وآخر على الإرجاع إلى كلّيِّ الثقة : إمّا ابتداءً (١) ، وإمّا تعليلاً للإرجاع إلى أشخاصٍ معيّنين (٢) على نحوٍ يفهم منه الضابط الكلّي ، وهذه الطائفة هي أحسن مافي الباب.
وفي روايات هذه الطائفة مالا يخلو من مناقشةٍ أيضاً ، من قبيل قوله : «فإنّه لا عذر لأحدٍ من موالينا في التشكيك في ما روى عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأ نّنا نفاوضهم بسرّنا ، ونحمله إيّاهم اليهم» (٣).
فإنّ عنوان ثقاتنا أخصّ من عنوان الثقات ، ولعلّه يتناول خصوص الأشخاص المعتمَدِين شخصياً للإمام والمؤتمنين من قِبَله ، فلا يدلّ على الحجّية في نطاقٍ أوسع من ذلك.
وفي روايات هذه الطائفة ما لا مناقشة في دلالتها ، من قبيل ما رواه محمد ابن عيسى ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك ، إنّي لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كلّ ما أحتاج اليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبدالرحمان ثقة آخذ عنه ما أحتاج اليه من معالم ديني؟ فقال : «نعم» (٤).
ولمّا كان المرتكز في ذهن الراوي أنّ مناط التحويل هو الوثاقة وأقرّه الإمام على ذلك دلّ الحديث على حجّية خبر الثقة.
غير أنّ عدد الروايات التامّة دلالةً على هذا المنوال لا يبلغ مستوى التواتر ؛ لأ نّه عدد محدود. نعم ، قد تُبذل عنايات في تجميع ملاحظاتٍ توجب الاطمئنان
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ : ٩٩ و ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديثان ٤ و ٩.
(٣) راجع الهامش رقم (١) وفيه : «إيّاه» بدل «إيّاهم».
(٤) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٤٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.