تجعل عند الشكّ في المطابقة.
الطائفة الثانية : ما تضمّن الحثّ على تحمّل الحديث وحفظه ، من قبيل قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من حفظ على امّتي أربعين حديثاً بعثه الله فقيهاً عالماً يوم القيامة» (١).
وهذا لايدلّ على الحجّية أيضاً ، إذ لا شكّ في أنّ تحمّل الحديث وحفظه من أهمّ المستحبّات ، بل من الواجبات الكفائية ؛ لتوقّف حفظ الشريعة عليه ، ولا يلزم من ذلك وجوب القبول تعبّداً مع الشكّ.
ومثل ذلك ما دلّ على الثناء على المحدّثين ، أو الأمر بحفظ الكتب ، والترغيب في الكتابة (٢).
الطائفة الثالثة : ما دلّ على الأمر بنقل بعض النكات والمضامين ، من قبيل قول أبي عبدالله عليهالسلام : «يا أبان ، إذا قدمت الكوفة فاروِ هذا الحديث ...» (٣).
والصحيح : أنّ الأمر بالنقل يكفي في وجاهته احتمال تمامية الحجّة بذلك بحصول الوثوق لدى السامعين ، ولا يتوقّف على افتراض الحجّية التعبّدية.
الطائفة الرابعة : ما دلّ على أنّ انتفاع السامع بالرواية قد يكون أكثر من انتفاع الراوي ، من قبيل قولهم : «فربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه» (٤).
ونلاحظ : أنّ هذه الطائفة ليست في مقام بيان أنّ النقل يثبت المنقول للسامع تعبّداً ، وإلاّ لكان الناقل دائماً من هذه الناحية أفضل حالاً من السامع ؛ لأنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٩٩ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٢.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٨١ ـ ٨٢ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الأحاديث ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠ و ٢١.
(٣) الكافي ٢ : ٥٢٠ ، باب من قال : «لا إله إلاّالله مخلصاً» ، الحديث الأوّل.
(٤) وسائل الشيعة ٢٧ : ٨٩ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٣.