في الترك ؛ لأنّ هذا الأمر العدميّ هو الذي يميّز الوجوب عن باب المستحبّات والمكروهات.

ونتيجة ذلك : أنّ الممميِّز للوجوب أمر عدميّ وهو عدم الترخيص في الترك ، فيكون مركّباً من أمرٍ وجوديٍّ وهو طلب الفعل ، وأمرٍ عدميٍّ وهو عدم الترخيص في الترك ، والمميِّز للاستحباب أمر وجودي وهو الترخيص في الترك ، فيكون مركّباً من أمرين وجوديّين.

المقدِّمة الثانية : أنّه كلّما كان الكلام وافياً بحيثيةٍ مشتركةٍ ويتردّد أمرها بين حقيقتين : المميِّز لإحداهما أمر عدميّ والمميز للُاخرى أمر وجوديّ ، تعيّن بالإطلاق الحمل على الأول ؛ لأنّ الأمر العدميّ أسهل مؤونةً من الأمر الوجودي.

فإذا كان المقصود ما يتميّز بالأمر الوجوديّ مع أنّه لم يذكر الأمر الوجوديّ فهذا خرق عرفيّ واضح ؛ لظهور حال المتكلّم في بيان تمام المراد بالكلام. وأمّا إذا كان المقصود ما يتميّز بالأمر العدميّ فهو ليس خرقاً لهذا الظهور بتلك المثابة عرفاً ؛ لأنّ المميِّز حينما يكون أمراً عدميّاً كأ نّه لا يزيد على الحيثية المشتركة التي يفي بها الكلام.

ومقتضى هاتين المقدمتين تعيّن الوجوب بالإطلاق.

ويرد عليه المنع من إطلاق المقدمة الثانية ، فإنّه ليس كلّ أمرٍ عدميٍّ لا يلحظ أمراً زائداً عرفاً ، ولهذا لا يرى في المقام أنّ النسبة عرفاً بين الوجوب والاستحباب نسبة الأقلّ والأكثر ، بل [هي] النسبة بين مفهومين متباينين فلا موجب لتعيين أحدهما بالإطلاق.

ثالثها : أنّ صيغة الأمر تدلّ على الإرسال والدفع بنحو المعنى الحرفي ، ولمّا كان الإرسال والدفع مساوقاً لسدِّ تمام أبواب العدم للتحرّك والاندفاع ، فمقتضى أصالة التطابق بين المدلول التصوريّ والمدلول التصديقيّ أنّ الطلب والحكم

۶۰۸۱