بأهمّيتها على تقدير ثبوتها ، وأمّا المشكوك الذي يعلم بأ نّه على تقدير ثبوته ممّا يهتمّ المولى بحفظه ولا يرضى بتضييعه فليس مشمولاً للقاعدة من أوّل الأمر ، والخطاب الظاهريّ ـ أيّ خطابٍ ظاهريّ ـ يبرز اهتمام المولى بالتكاليف الواقعية في مورده على تقدير ثبوتها ، وبذلك يخرجها عن دائرة قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وأمّا الاستشكال الثاني فينشأ من أنّ الذي ينساق إليه النظر ابتداءً أنّ إقامة الأمارة مقام القطع الطريقيّ في المنجِّزية والمعذِّرية تحصل بعملية تنزيلٍ لها منزلته ، من قبيل تنزيل الطواف منزلة الصلاة.
ومن هنا يعترض عليه : بأنّ التنزيل من الشارع إنّما يصحّ فيما إذا كان للمنزَّل عليه أثر شرعيّ بيد المولى توسيعه وجعله على المنزَّل ، كما في مثال الطواف والصلاة ، وفي المقام القطع الطريقيّ ليس له أثر شرعيّ بل عقلي ـ وهو حكم العقل بالمنجِّزية والمعذِّرية ـ فكيف يمكن التنزيل؟
وقد تخلّص بعض المحققين (١) عن الاعتراض برفض فكرة التنزيل واستبدالها بفكرة جعل الحكم التكليفيِّ على طبق المؤدّى ، فإذا دلّ الخبر على وجوب السورة حكم الشارع بوجوبها ظاهراً ، وبذلك يتنجَّز الوجوب ، وهذا هو الذي يطلق عليه مسلك (جعل الحكم المماثل).
وتخلّص المحقّق النائينيّ (٢) بمسلك (جعل الطريقية) قائلاً : إنّ إقامة الأمارة مقام القطع الطريقيّ لا تتمثّل في عملية تنزيلٍ لكي يرد الاعتراض السابق ، بل في اعتبار الظنّ علماً ، كما يعتبر الرجل الشجاع أسداً على طريقة
__________________
(١) منهم المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٣ : ٥٩.
(٢) فوائد الاصول ٣ : ٢١.