وقد ذهب البعض (١) إلى كونه استمرارياً ، وتمسّك بالاستصحاب ، إلاّأنّ هذا الاستصحاب يبدو أنّه من استصحاب الحكم المعلّق إذا كان التخيير في الحجّية ؛ لأنّ مرجعه إلى أنّ هذا كان حجّةً لو أخذنا به سابقاً وهو الآن كما كان استصحاباً. وعلى أيّ حالٍ فلا موضوع لهذا الخلاف بعد إنكار التخيير.
الثالثة : إذا تمّت روايات التخيير وروايات الترجيح المتقدمة فكيف يمكن التوفيق بينهما؟
فقد يقال بحمل روايات الترجيح على الاستحباب.
ونلاحظ على ذلك : أنّ الأمر في روايات الترجيح إرشاد إلى الحجّية فلا معنى لحمله على الاستحباب ، بل المتعيَّن الالتزام بتقييد روايات التخيير بحالة عدم وجود المرجِّح.
الرابعة : أنّ أخبار العلاج هل تشمل موارد الجمع العرفي؟
قد يقال بإطلاق لسان الروايات المذكورة لتلك الموارد فتكون رادعةً بالإطلاق عمّا تقتضيه القاعدة العقلائية.
وقد يجاب : بأنّ الظاهر من أسئلة الرواة لأخبار العلاج كونهم واقعين في الحيرة بسبب التنافي الذي يجدونه بين الحديثين ، ومن البعيد أن يقع الراوي ـ بما هو إنسان عرفي ـ في التحيّر مع وجود جمعٍ عرفيّ بين المتعارضين ، فهذه قرينة معنوية تصرف ظواهر هذه الأخبار إلى موارد التعارض المستقرّ خاصّة.
والصحيح أن يقال : إنّ روايات العلاج بنفسها تتضمّن قرينةً تدلّ على عدم شمولها لحالات الجمع العرفي ، فإنّ الرواية الاولى من روايات الترجيح قد افترضت فيها حجّية الخبر المخالف للكتاب في نفسه ، وبقطع النظر عن معارضته
__________________
(١) كالمحقّق العراقي في مقالات الاصول ٢ : ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، ونهاية الأفكار ٤ : ٢١٤.