ـ كما تقدم ـ فلا إشكال من هذه الناحية.

وهكذا يتّضح أنّ المقبولة لا يمكن أن يستفاد منها في مجال الترجيح بين الحجّتين من الروايات أكثر ممّا ثبت بالرواية السابقة.

ومنها : المرفوعة عن زرارة ، قال : سألت الباقر عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيِّهما آخذ؟

قال عليه‌السلام : «يازرارة ، خُذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودعِ الشاذَّ النادر».

فقلت : يا سيدي ، إنّهما معاً مشهوران مرويّان مأثوران عنكم.

فقال عليه‌السلام : «خُذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك».

فقلت : إنّهما معاً عدلان مرضيان موثّقان.

فقال عليه‌السلام : «انظر ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه ، وخُذ بما خالفهم».

قلت : ربّما كانا معاً موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟

فقال عليه‌السلام : «إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط».

فقلت : إنّهما معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟

فقال عليه‌السلام : «إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر» (١).

وفي هذه المرفوعة ذكرت مرجِّحات ، وهي على الترتيب : الشهرة ، ثمّ صفات الراوي ، ثمّ المخالفة للعامّة ، ثم الموافقة للاحتياط ، ومع التكافؤ في كلّ ذلك حكمت بالتخيير.

وقد يعترض على الترجيح بالشهرة بنفس ما تقدم في المقبولة من كونها بمعنى استفاضة الرواية وتواترها ، ولكنّ هذا الاعتراض غير وجيه هنا ؛ لأنّ

__________________

(١) عوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ ، الحديث ٢٢٩.

۶۰۸۱