«أخذت من جهة التسليم» التي قد يستشعر منها النظر إلى الحجّية والتعبّد بأحد الخبرين.
والصحيح : أنّ الاستدلال بالرواية غير وجيه ؛ لأنّ السائل في هذه الرواية لم يفرض خبرين متعارضين ، وإنمّا سأل عن مسألةٍ اختلف الفقهاء في حكمها الواقعي ، وإنمّا يراد الاستدلال بها على التخيير باعتبار ما في جواب الإمام عليهالسلام من نقل حديثين متخالفين وترخيصه في التسليم بأيِّهما شاء ، إلاّأنّ هذا الجواب غير دالٍّ على التخيير المدّعى ؛ وذلك لعدّةِ امور :
الأول : ظهور كلام الإمام عليهالسلام في الرخصة الواقعية ، لا التخيير الظاهري بين الحجّتين ، كما تقدم في الرواية السابقة.
الثاني : أنّ جملة «وكذلك التشهّد الأول يجري هذا المجرى» تارةً تفترض جزءاً من الحديث الثاني ، واخرى تفترض كلاماً مستقلاً يضيفه الإمام إلى الحديثين.
فإذا كانت جزءاً من الحديث ـ ولو بقرينة أنّه مورد لسؤال الراوي الذي قال عنه الإمام : إنّ فيه حديثين ـ كان الحديثان متعارضين ، إلاّأنّهما من التعارض غير المستقرّ الذي فيه جمع عرفي واضح ، لا باعتبار أخصّية الحديث الثاني فحسب ، بل باعتبار كونه ناظراً إلى مدلول الحديث الأول وحاكماً عليه ، وعدم استحكام التعارض بين الحاكم والمحكوم أمر واضح عرفاً ، ومقطوع به فقهياً بحيث لا يحتمل أن يكون للشارع حكم على خلاف الجمع العرفي فيه ، فيكون هذا بنفسه قرينةً على أنّ المقصود من التخيير الترخيص الواقعي.
وإذا كانت جملةً مستقلّةً وكان الحديث الثاني متكفِّلاً لحكم القيام من الجلوس بعد السجدة الثانية ، وأ نّه ليس على المصلّي تكبير فيه فلا تعارض بين الحديثين في مورد سؤال الراوي وهو الانتقال من التشهّد إلى القيام ، فيكون هذا