والجواب : أنّ بالإمكان تصوير التخيير بالالتزام بحجّية كلٍّ منهما مشروطةً بالالتزام به (١) مع افتراض وجوبٍ طريقيٍّ للالتزام بأحدهما.
وأمّا البحث الإثباتي فهناك روايات عديدة استدلّ بها على التخيير :
منها : رواية عليّ بن مهزيار ، قال : قرأت في كتابٍ لعبدالله بن محمد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم : أنْ صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم : لا تصلّهما إلاّ على الأرض ، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟ فوقّع عليهالسلام : «موسَّع عليك بأيّةٍ عملت» (٢).
وفقرة الاستدلال منها : قوله عليهالسلام : «موسَّع عليك بأيّةٍ عملت» الواضح في الدلالة على التخيير وإمكان العمل بكلٍّ من الحديثين المتعارضين.
ولكن نلاحظ على ذلك :
أولاً : أنّ الظاهر منها إرادة التوسعة والتخيير الواقعي ، لا التخيير الظاهري بين الحجّيتين ؛ لظهور كلٍّ من سؤال الراوي وجواب الإمام في ذلك.
أمّا ظهور السؤال فلأ نّه مقتضى التنصيص من قبله على الحكم الذي تعارض فيه الخبران الظاهر في استعلامه عن الحكم الواقعي ، على أنّ قوله : «فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك؟» كالصريح في أنّ السؤال عن الحكم الواقعي للمسألة ، فيكون مقتضى التطابق بينه وبين الجواب كون النظر في كلام الإمام عليهالسلام إلى ذلك أيضاً ، إذ لا وجه لصرف النظر مع تعيين الواقعة عن حكمها الواقعي إلى الحكم الظاهري العام.
__________________
(١) العبارة الواردة في الطبعة الاولى والنسخة الخطيّة الواصلة إلينا : «بشرط ترك الاتزام بالآخر». والصحيح : «مشروطةً بالإلتزام به» كما أثبتناه.
(٢) وسائل الشيعة ٤ : ٣٣٠ ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، الحديث ٨.