لأنّ الخاصّ مخالف لدلالة العامّ التي هي حجّة في نفسها وبقطع النظر عن ورود الخاصّ.
وإن اريد بها المخالفة لدلالةٍ قرآنيةٍ واجدةٍ لمقتضى الحجّية حتى بعد ورود الخبر المخالف صحّ كلا الجوابين ؛ لأنّ مقتضى الحجّية في العامِّ غير محفوظٍ بعد ورود القرينة المنفصلة ، واختصّت المخالفة المسقِطة للخبر عن الحجّية بالمخالفة على وجهٍ لا يصلح للقرينية.
وأوجَه هذه الاحتمالات أوسطها.
ويمكن أن يجاب أيضاً ـ بعد الاعتراف بتمامية الاطلاق في روايات هذه المجموعة للمعارضة غير المستقرة ـ : بأنّ هناك مخصّصاً لهذا الإطلاق ، وهو ما ورد في بعض الأخبار العلاجية ممّا يستفاد منه الفراغ عن حجّية الخبر المخالف مع الكتاب في نفسه. ففي رواية عبدالرحمان ابن أبي عبدالله قال : قال الصادق عليهالسلام : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ...» (١).
فإنّ الظاهر من قوله : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان» أنّ الإمام عليهالسلام بصدد علاج مشكلة التعارض بين حديثين معتبرين في نفسيهما لولا التعارض ، فيكون دليلاً على عدم قدح المخالفة مع الكتاب في الحجّية الاقتضائية. نعم ، لا يوجد فيه إطلاق يشمل جميع أقسام الخبر المخالف مع الكتاب ؛ لأنّه ليس في مقام بيان هذه الحيثية ليتمّ فيه الإطلاق ، فلابدّ من الاقتصار على المتيقّن من مفاده وهو مورد القرينية.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩.