المتعارضين تارةً يكون مفاد أحدهما إثبات حكمٍ إلزامي ، ومفاد الآخر نفيه.
واخرى يكون مفاد كلٍّ منهما حكماً ترخيصياً. وثالثةً يكون (١) مفاد كلٍّ منهما حكماً إلزامياً.
ففي الحالة الاولى يستحيل شمول دليل الحجّية لهما ؛ لأنّه يؤدّي إلى تنجيز حكمٍ إلزاميٍّ والتعذير عنه في وقتٍ واحد.
وفي الحالة الثانية يستحيل الشمول ؛ لأدائه ـ مع العلم بمخالفة أحد الترخيصين للواقع ـ إلى الترخيص في المخالفة القطعية لذلك الواقع المعلوم إجمالاً.
وأمّا في الحالة الثالثة : فإن كان الحكمان الإلزاميان متضادَّين ذاتاً ـ كما إذا دلّ دليل على وجوب الجمعة ودلّ آخر على حرمتها ـ فالشمول محال أيضاً ؛ لأدائه إلى تنجيز حكمين إلزاميّين في موضوعٍ واحد.
وإن كانا متضادَّين بالعرض للعلم الإجمالي من الخارج بعدم ثبوت أحدهما ـ كما إذا دلّ دليل على وجوب الجمعة وآخر على وجوب الظهر ـ فلا استحالة في شمول دليل الحجّية لهما معاً ؛ لأنّه إنمّا يؤدّي إلى تنجيز كلا الحكمين الإلزاميّين مع العلم بعدم ثبوت أحدهما ، ولا محذور في ذلك.
ولكن الصحيح : أنّ هذا التوهّم يقوم على أساس ملاحظة المدلول المطابقي في مقام التعارض فقط ، وهو خطأ ، فإنّ كلاًّ من الدليلين المفروضين يدلّ بالالتزام على نفي الوجوب المفاد بالآخر ، فيقع التعارض بين الدلالة المطابقية لأحدهما والدلالة الالتزامية للآخر ، وحجّيتهما معاً تؤدّي إلى تنجيز حكمٍ والتعذير عنه في
__________________
(١) كلمة (يكون) ساقطة عن الطبعة الاولى ، وقد أثبتناها طبقاً لما جاء في النسخة الخطيّةالواصلة إلينا.