الحكمة وظهور الثاني في احترازية القيود ، وحينئذٍ فإن كان الخطابان متّصلين لم ينعقد للأول ظهور في الإطلاق ؛ لأنّه فرع عدم ذكر ما يدلّ على القيد في الكلام ، والخطاب الآخر المتّصل يدلّ على القيد ، فلا تجري قرينة الحكمة لإثبات الإطلاق.

وإن كان الخطابان منفصلين انعقد الظهور في كلٍّ منهما ـ لِمَا تقدم (١) في بحث الإطلاق من أنّ الإطلاق ينعقد بمجرّد عدم مجيء القرينة على القيد في شخص الكلام ـ وقدِّم الظهور الثاني ؛ لأنّه قرينة بدليل إعدامه لظهور المطلق في فرض الاتّصال. وقد تقدم أنّ البناء العرفي على أنّ كلّ ما يهدم أصل الظهور في الكلام عند اتّصاله به فهو قرينة عليه في فرض الانفصال ويقدّم بملاك القرينية.

وهناك اتّجاه يقول : إنّ دليل القيد حتّى لو كان منفصلاً يهدم أصل الظهور في المطلق ، وهذا الاتّجاه يقوم على الاعتقاد بأنّ قرينة الحكمة التي هي أساس الدلالة على الإطلاق متقوّمة بعدم ذكر القيد ولو منفصلاً ، وقد تقدّم (٢) في بحث الإطلاق إبطال ذلك.

القسم الثالث : أن يكون مفاده إثبات حكمٍ مضادٍّ في حصّةٍ من المطلق ، كما إذا جاء خطاب «أعتق رقبة» ، ثمّ خطاب «لا تعتق رقبةً كافرة» ، على أن يكون النهي في الخطاب الثاني تكليفياً ، لا إرشاداً إلى مانعية الكفر عن تحقّق العتق الواجب ، وإلاّ دخل في القسم الأول.

وهذا القسم يختلف عن القسم السابق في أنّ التعارض هنا محقَّق ـ على أيّ

__________________

(١) في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة ، في ذيل البحث الوارد تحت عنوان : احترازيّة القيودوقرينة الحكمة.

(٢) المصدر نفسه.

۶۰۸۱