نسبة الصدق في إخبارات ذلك الشخص أكثر من خمسين في المائة.
ونطلق على التصديق المصيب بالمعنى الثاني اسم (التصديق الموضوعيّ) و (اليقين الموضوعي) ، وعلى التصديق غير المصيب بالمعنى الثاني اسم (التصديق الذاتيّ) و (القطع الذاتي).
وانحراف التصديق الذاتيّ عن الدرجة التي تفترضها المبرِّرات الموضوعية له مراتب ، وبعض مراتب الانحراف الجزئية ممّا ينغمس فيه كثير من الناس ، وبعض مراتبه يعتبر شذوذاً ، ومنه قطع القَطَّاع ، فالقَطَّاع إنسان يحصل له قطع ذاتيّ وينحرف غالباً في قطعه هذا انحرافاً كبيراً عن الدرجة التي تفترضها المبرِّرات الموضوعية.
وحجّية القطع من وجهة نظرٍ اصولية ـ وبما هي معبِّرة عن المنجِّزية والمعذِّرية ـ ليست مشروطةً بالإصابة بأيّ واحدٍ من المعنيَين.
أمّا المعنى الأول فواضح ، إذ يعتبر القطع بالتكليف تمام الموضوع لحقّ الطاعة ، كما أنّ القطع بعدمه تمام الموضوع لخروج المورد عن هذا الحقّ. ومن هنا كان المتجرِّي مستحقّاً للعقاب كاستحقاق العاصي ؛ لأنّ انتهاكهما لحقّ الطاعة على نحوٍ واحد. ونقصد بالمتجرِّي من ارتكب ما يقطع بكونه حراماً ولكنّه ليس بحرامٍ في الواقع.
ويستحيل سلب الحجّيّة أو الردع عن العمل بالقطع غير المصيب للواقع ؛ لأنّ مثل هذا الردع يستحيل تأثيره في نفس أيِّ قاطع ؛ لأنّه يرى نفسه مصيباً ، وإلاّ لم يكن قاطعاً.
وكما يستحقّ المتجرِّي العقاب ـ كالعاصي ـ كذلك يستحقّ المنقاد الثوابَ بالنحو الذي يفترض للممتثل ؛ لأنّ قيامهما بحقّ المولى على نحوٍ واحد. ونقصد بالمنقاد : من أتى بما يقطع بكونه مطلوباً للمولى فعلاً أو تركاً رعايةً لطلب المولى ، ولكّنه لم يكن مطلوباً في الواقع.