مبادئ الحكم ، ومعقول بالنسبة إلى الحكم في عالم الجعل ، وعليه فالشكّ في النسخ بالنسبة إلى عالم الجعل يتصور على نحوين :
الأول : أن يشكّ في بقاء نفس الجعل وعدمه ، بمعنى احتمال إلغاء المولى له.
الثاني : أن يشكّ في سعة المجعول وشموله من الناحية الزمانية ، بمعنى احتمال أنّ الجعل تعلّق بالحكم المقيّد بزمانٍ قد انتهى أمده.
فإذا كان الشكّ من النحو الأول فلا شكّ في إمكان إجراء الاستصحاب ؛ لتمامية أركانه ، غير أنّ هنا شبهة قد تمنع عن جريانه على أساس أنّ ترتّب المجعول على الجعل ليس شرعياً ، بل عقلياً فإثباته باستصحاب الجعل غير ممكن.
والجواب : أنّا لسنا بحاجةٍ إلى إثبات شيءٍ وراء الجعل في مقام التنجيز ؛ لِمَا تقدّم من كفاية وصول الكبرى والصغرى ، وعليه فالاستصحاب يجري خلافاً للأصل اللفظي بمعنى إطلاق الدليل ، فإنّه لا يمكن التمسّك به لنفي النسخ بهذا المعنى.
وإذا كان الشكّ من النحو الثاني فلا شكّ في إمكان التمسّك بإطلاق الدليل لنفيه ، ولكنّ جريان الاستصحاب موضع بحث ؛ وذلك لإمكان دعوى أنّ المتيقّن ثبوت الحكم على المكلفين في الزمان الأول ، والمشكوك ثبوته على أفرادٍ آخرين ، وهم المكلَّفون الذين يعيشون في الزمان الثاني ، فمعروض الحكم متعدّد إلاّ بالنسبة إلى شخصٍ عاش كلا الزمانين بشخصه.
وعلاج ذلك : أنّ الحكم المشكوك في نسخه ليس مجعولاً على نحو القضية الخارجية التي تنصبّ على الأفراد المحقّقة خارجاً مباشرةً ، بل على نحو القضية الحقيقية التي ينصبّ فيها الحكم على الموضوع الكلّي المقدّر الوجود ، وفي هذه