الاولى : أنّ الاستصحاب لا يجري في الفرد المردّد ، ونقصد بالفرد المردّد : حالة القسم الثاني من استصحاب الكلّي ، كما إذا علمنا بوجود جامع الإنسان في المسجد وهو مردّد بين زيدٍ وخالد ونشكّ في بقاء هذا الجامع ؛ لأنّ زيداً نراه الآن خارج المسجد ، فإن كان هو المحقِّق للجامع حدوثاً فقد ارتفع الجامع ، وإن كان خالد هو المحقِّق للجامع فلعلّه لا يزال باقياً. وفي مثل ذلك يجري استصحاب الجامع إذا كان لوجود الجامع أثر شرعي. ويسمّى بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي ، كما تقدم في الحلقة السابقة (١) ، ولا يجري استصحاب بقاء زيدٍ ولا استصحاب بقاء خالد بلا شكّ.
ولكن قد يقال : إنّ الآثار الشرعية إذا كانت مترتّبةً على وجود الأفراد بما هي أفراد أمكن إجراء استصحاب الفرد المردّد على إجماله ، بأن نشير إلى واقع الشخص الذي دخل المسجد ونقول : إنّه على إجماله يشكّ في خروجه من المسجد فيستصحب.
ولكنّ الصحيح : أنّ هذا الاستصحاب لا محصّل له ؛ لأنّنا حينما نلحظ الأفراد بعناوينها التفصيلية لا نجد شكّاً في البقاء على كلّ تقدير ، إذ لا يحتمل بقاء زيدٍ بحسب الفرض. وإذا لاحظناها بعنوانٍ إجماليٍّ ـ وهو عنوان الإنسان الذي دخل إلى المسجد ـ فالشكّ في البقاء ثابت. فإن اريد باستصحاب الفرد المردّد إثبات بقاء الفرد بعنوانه التفصيلي فهو متعذّر ، إذ لعلّ هذا الفرد هو زيد وزيد لا شكّ في بقائه ، فيكون الركن الثاني مختلًّا. وإن اريد به إثبات بقاء الفرد بعنوانه الإجمالي فالركن الثاني محفوظ ولكنّ الركن الرابع غير متوفّر ؛ لأنّ الأثر الشرعي غير مترتّبٍ بحسب الفرض على العنوان الإجمالي ، بل على العناوين التفصيلية للأفراد.
__________________
(١) في النقطة الثالثة من بحث التطبيقات في الاستصحاب ، تحت عنوان : استصحاب الكلّي.