وقد استشكل بعض (١) الاصوليّين في تنجيز هذا العلم الإجمالي ، ويستفاد من كلماتهم إمكان تقريب الاستشكال بوجهين :
الأول : أنّ الركن الأول مختلّ ؛ لأنّ المرأة في بداية الشهر لا علم إجمالي لها بالتكليف الفعلي ؛ لأنّها : إمّا حائض فعلاً فالتكليف فعلي ، وإمّا ستكون حائضاً في منتصف الشهر ـ مثلاً ـ فلا تكليف فعلاً ، فلا علم بالتكليف فعلاً على كلّ تقدير ، وبذلك يختلّ الركن الأول.
الثاني : أنّ الركن الثالث مختلّ ، أمّا اختلاله بصيغته الاولى فتقريبه : أنّ المرأة في بداية الشهر تحتمل حرمة المكث فعلاً ، وتحتمل حرمة المكث في منتصف الشهر مثلاً ، ولمَّا كانت الحرمة الاولى محتمَلةً فعلاً ومشكوكةً فهي مورد للأصل المؤمِّن ، وأمّا الحرمة الثانية فهي وإِن كانت مشكوكةً ولكنّها ليست مورداً للأصل المؤمِّن فعلاً في بداية الشهر ، إذ لا يحتمل وجود الحرمة الثانية في أوّل الشهر ، وإنّما يحتمل وجودها في منتصفه ، فلا تقع مورداً للأصل المؤمِّن إلاّفي منتصف الشهر ، وهذا يعني أنّ المرأة في بداية الشهر تجد الأصل المؤمِّن عن حرمة المكث فعلاً جارياً بلا معارض ، وهو معنى عدم التنجيز.
وأمّا اختلاله بصيغته الثانية فلأنّ الحرمة المتأخِّرة لا تصلح أن تكون منجَّزةً في بداية الشهر ؛ لأنّ تنجّز كلّ تكليفٍ فرع ثبوته وفعليته ، ففي بداية الشهر لا يكون العلم الإجمالي صالحاً لتنجيز معلومه على كلّ تقدير.
والصحيح : أنّ الركن الأوّل والثالث كلاهما محفوظان في المقام. أمّا الركن الأوّل فلأنّ المقصود بالفعلية في قولنا : «العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي» ليس وجود التكليف في هذا الآن ، بل وجوده فعلاً في عمود الزمان ؛ احترازاً
__________________
(١) منهم الشيخ الأنصاري في فرائد الاصول ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.