مساوقة لاحتمال المعصية. وحيث إنّ الجامع منجَّز بالعلم الإجمالي فلا تجوز مخالفته الاحتمالية.
ويندفع هذا التقريب بمنع المقدمة الاولى ، فإنّ الجامع إذا لوحظ فيه مقدار الجامع بحدّه فقط لم تكن مخالفة أحد الطرفين مع موافقة الطرف الآخر مخالفةً احتمالية له ؛ لأنّ الجامع بحدّه لا يقتضي أكثر من التطبيق على أحد الفردين ، والمفروض أنّ العلم واقف على الجامع بحدّه ، وأنّ التنجّز تابع لمقدار العلم ، فلا مخالفة احتمالية للمقدار المنجَّز أصلاً.
الثاني : ما ذهبت إليه مدرسة المحقق النائيني (١) قدّس الله روحه ، فإنّها مع اعترافها بأنّ العلم الإجمالي لا يستدعي وجوب الموافقة القطعية بصورةٍ مباشرةٍ ـ لأنّه لا ينجِّز أزيد من الجامع ـ قامت بمحاولةٍ لإثبات استتباع العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية بصورةٍ غير مباشرة ، وهذه المحاولة يمكن تحليلها ضمن الفقرات التالية :
أوّلاً : أنّ العلم الإجمالي يستدعي حرمة المخالفة القطعية.
ثانياً : يترتّب على ذلك عدم إمكان جريان الاصول المؤمِّنة في جميع الأطراف ؛ لأنّه يستوجب الترخيص في المخالفة القطعية.
ثالثاً : يترتّب على ذلك أنّ الاصول المذكورة تتعارض فلا تجري في أيِّ طرف ؛ لأنّ جريانها في طرفٍ دون آخر ترجيح بلا مرجّح ، وجريانها في الكلّ غير ممكن.
رابعاً : ينتج من كلّ ذلك : أنّ احتمال التكليف في كلّ طرفٍ يبقى بدون أصلٍ مؤمِّن ، وكلّ احتمالٍ للتكليف بدون مؤمِّنٍ يكون منجِّزاً للتكليف ، فتجب
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.