الحصّة الموصلة من المقدمة أو طبيعيّ المقدمة؟
قد يقال : بأنّ المسألة مبنيّة على تعيين الملاك والغرض من الواجب الغيري ، فإن كان الغرض هو التمكّن من الواجب النفسي فمن الواضح أنّ هذا الغرض يحصل بطبيعيّ المقدمة ، ولا يختصّ بالحصّة الموصلة ، فيتعيّن أن يكون الوجوب الغيري تبعاً لغرضه متعلقاً بالطبيعي أيضاً. وإن كان الغرض حصول الواجب النفسي فهو يختص بالمقدمة الموصلة ؛ ويثبت حينئذٍ اختصاص الوجوب بها أيضاً تبعاً للغرض.
وفي المسألة قولان : فقد ذهب صاحب الكفاية (١) وجماعة (٢) إلى الأول ، وذهب صاحب الفصول (٣) وجماعة إلى الثاني.
ويمكن أن يبرهن على الأول : بأنّ الوجوب الغيري لو كان متعلقاً بالحصّة الموصلة إلى الواجب النفسي خاصّةً لزم أن يكون الواجب النفسي قيداً في متعلق الوجوب الغيري والقيد مقدمة للمقيّد ، وهذا يؤدِّي إلى أن يصبح الواجب النفسي مقدمةً للواجب الغيري.
ويمكن أن يبرهن على الثاني : بأنّ غرض الوجوب الغيري ليس هو التمكّن ، بل نفس حصول الواجب النفسي ؛ لأنّ دعوى أنّ الغرض هو التمكّن إن اريد بها أنّ التمكّن غرض نفسي فهو باطل بداهةً وخلف أيضاً ؛ لأنّه يجعل المقدّمة موصلةً دائماً ؛ لعدم انفكاكها عن التمكّن الذي هو غرض نفسي ، مع أنّنا نتكلّم عن المقدمة التي تنفكّ خارجاً عن الغرض النفسي.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٢.
(٢) منهم المحقّق النائيني في فوائد الاصول ١ : ٢٨٦ ، وأجود التقريرات ١ : ٢٣٧.
(٣) الفصول الغرويّة : ٨٦.