التفسير الثالث : أنّ القدرة المأخوذة قيداً في الوجوب ، إن كانت عقليةً ، بمعنى أنّها غير دخيلةٍ في ملاكه ، فهذا يعني أنّ المكلّف بتركه للمقدمة المفوِّتة يعجِّز نفسه عن تحصيل الملاك مع فعليته في ظرفه ، وهذا لا يجوز عقلاً ؛ لأنّ تفويت الملاك بالتعجيز كتفويت التكليف بالتعجيز.

وإن كانت القدرة شرعيّةً ، بمعنى أنّها دخيلة في الملاك أيضاً ، فلا ملاك في فرض ترك المكلف للمقدمة المفوِّتة المؤدِّي إلى عجزه في ظرف الواجب ، وفي هذه الحالة لا مانع من ترك المقدمة المفوِّتة.

وعلى هذا ففي كلّ حالةٍ يثبت فيها كون المكلّف مسؤولاً عن المقدمات المفوِّتة نستكشف من ذلك أنّ القدرة في زمان الواجب غير دخيلةٍ في الملاك. كما أنّه في كلّ حالةٍ يدلّ فيها الدليل على أنّ القدرة كذلك يثبت لزوم المقدمات المفوِّتة ، غير أنّ هذا المعنى يحتاج إلى دليلٍ خاصّ ، ولا يكفيه دليل الواجب العام ؛ لأنّ دليل الواجب له مدلول مطابقي وهو الوجوب ، ومدلول التزامي وهو الملاك. ولا شكّ في أنّ المدلول المطابقي مقيّد بالقدرة ، ومع سقوط الإطلاق في الدلالة المطابقية يسقط في الدلالة الالتزامية أيضاً ؛ للتبعيّة ، فلا يمكن أن نثبت به كون الملاك ثابتاً في حالتي القدرة والعجز معاً.

۶۰۸۱