ومن هنا قد يقال باستحالة الشرط المتأخّر ، ويلتزم بتأويل الموارد التي تُوهِم ذلك بتحويل الشرطية من أمرٍ متأخّرٍ إلى أمرٍ مقارن ، فيقال مثلاً : إنّ الشرط في نفوذ عقد الفضولي على الكشف ليس هو الإجازة المتأخرة ، بل كون العقد ملحوقاً بالإجازة. والشرط في صوم المستحاضة يوم السبت كونه ملحوقاً بالغسل ، وهذه صفة فعلية قائمة بالأمر المتقدم.
وثمرة البحث في الشرط المتأخر ـ إمكاناً وامتناعاً ـ تظهر من ناحيةٍ في إمكان الواجب المعلّق وامتناعه ، فقد تقدم في الحلقة السابقة (١) أنّ إمكان الواجب المعلّق يرتبط بإمكان الشرط المتأخّر.
وتظهر من ناحيةٍ اخرى فيما إذا دلّ الدليل على شرطيّة شيء ، كرضا المالك الذي دلّ الدليل على شرطيّته في نفوذ البيع وتردّد الأمر بين كونه شرطاً متقدماً أو متأخّراً ، فإنّه على القول بامتناع الشرط المتأخّر يتعيّن الالتزام بكونه شرطاً مقارناً ، فيقال في المثال بصحة عقد الفضولي على نحو النقل ؛ لأنّ الحمل على الشرط المتأخّر إن كان بالمعنى الحقيقي للشرط المتأخّر فهو غير معقول ، وإن كان بالتأويل فهو خلاف ظاهر الدليل ؛ لأنّ ظاهره شرطية نفس الرضا ، لا كون العقد ملحوقاً به. وأمّا على الثاني فلابدّ من اتّباع ما يقتضيه ظاهر الأدلّة أيّ شيءٍ كان.
__________________
(١) في بحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : زمان الوجوب والواجب.