من هذا القسم أو ذاك.
أمّا تحديد مسؤولية المكلف تجاه المقدمات فحاصله : أنّ الوجوب وكذلك كلّ طلبٍ لا يكون محرّكاً نحو المقدّمات الوجوبيّة ، ولا مديناً للمكلف بها ؛ لأنّه لا يوجد إلاّبعد تحقّقها فكيف يكون باعثاً على إيجادها؟ وإنّما يكون محرِّكاً نحو المقدمات الوجودية بكلا قسميها ؛ لأنّه فعليّ قبل وجودها ، فيحرِّك لا محالة نحو إيجادها تبعاً لتحريكه نحو متعلقه ، بمعنى أنّ المكلف مسؤول عقلاً من قبل ذلك التكليف عن إيجاد تلك المقدمات. وهذا التحريك يبدأ من حين فعلية التكليف المجعول ، فقبل أن يصبح التكليف فعلياً لا محرّكية له نحو المقدمات تبعاً لعدم محرّكيّته نحو متعلقه ؛ لأنّ المحرّكية من شؤون الفعلية.
وإذا اتّفق أنّ قيداً مّا كان مقدّمةً وجوبيّةً ووجوديّةً معاً امتنع تحريك التكليف نحوه ؛ لتفرّعه على وجوده ، وإنّما يكون محرّكاً ـ بعد وجود ذلك القيد ـ نحو التقيّد وإيقاع الفعل مقيّداً به.
وأمّا تحديد الضابط الذي يسير عليه المولى فهو : أنّ كلّ ما كان من شروط الاتّصاف في مرحلة الملاك فيأخذه قيداً للوجوب ؛ لا للواجب ، فيصبح مقدمةً وجوبية. والوجه في ذلك واضح ؛ لأنّه لمّا كان شرطاً في الاتّصاف فلا يهتمّ المولى بتحصيله ، بينما لو جعله قيداً للواجب وكان الوجوب فعليّاً قبله لأصبح مقدمةً وجودية ، ولكان التكليف محرِّكاً نحو تحصيله ، فيتعيّن جعله مقدمةً وجوبية.
وأمّا ما كان من شروط الترتّب فهو على نحوين :
أحدهما : أن يكون اختيارياً للمكلّف ، وفي هذه الحالة يأخذه المولى قيداً للواجب ؛ لأنّه يهتمّ بتحصيله.
والآخر : أن يكون غير اختياري ، وفي هذه الحالة يتعيّن أخذه قيداً