ويستفاد من كلام المحقّق الإصفهانيِ (١) رحمهالله الاعتراض على اكتشاف الدليل الشرعيِّ من الإجماع بالنقطتين التاليتين :
الاولى : أنّ غاية ما يتطلّبه افتراض أنّ الفقهاء لايفتون بدون دليلٍ أن يكونوا قد استندوا إلى روايةٍ عن المعصوم اعتقدوا ظهورها في إثبات الحكم وحجّيتها سنداً ، وليس من الضروريِّ أن تكون الرواية في نظرنا لو اطّلعنا عليها ظاهرةً في نفس ما استظهروه منها ، كما أنّه ليس من الضروريِّ أن يكون اعتبار الرواية سنداً عند المجمعين مساوقاً لاعتبارها كذلك عندنا ، إذ قد لا نبني إلاّعلى حجّية خبر الثقة ، ويكون المجمعون قد عملوا بالرواية لبنائهم على حجّية الحَسن أو الموثّق.
الثانية : أنّ أصل كشف الإجماع عن وجود روايةٍ خاصّةٍ دالّةٍ على الحكم ليس صحيحاً ؛ لأنّنا إن كنّا نجد في مصادر الحديث روايةً من هذا القبيل فهي واصلة بنفسها ؛ لا بالإجماع ، ولابدّ من تقييمها بصورةٍ مباشرة. وإن كنا لا نجد شيئاً من هذا فلا يمكن أن نفترض وجود رواية ، إذ كيف نفسِّر حينئذٍ عدم ذكر أحدٍ من المجمعين لها في شيءٍ من كتب الحديث أو الاستدلال ؛ مع كونها هي الأساس لفتواهم ، على الرغم من أنّهم يذكرون من الأخبار حتّى مالا يستندون اليه في كثيرٍ من الأحيان؟!
ولنبدأ بالجواب على النقطة الثانية ، فنقول : إنّ الإجماع من أهل النظر والفتوى من فقهاء عصر الغيبة المتقدِّمِين لا نريد به أن نكتشف روايةً على النحو الذي فرضه المعترض لكي يبدو عدم ذكرها في كتب الحديث والفقه غريباً ، وإنمّا نكتشف به ـ في حالة عدم وجود مستندٍ لفظيٍّ محدَّدٍ للمجمعين ـ ارتكازاً ووضوحاً في الرؤية متلقّىً من الطبقات السابقة على اولئك الفقهاء والمتقدِّمِين ؛
__________________
(١) انظر نهاية الدراية ٣ : ١٨٥ ـ ١٨٦.