يضاف اليه مضعِّف آخر ، وهو : أنّ افتراض كذب الجميع يعني وجود مصلحةٍ شخصيةٍ لدى كلّ مخبرٍ دعته إلى الإخبار بذلك النحو. وهذه المصالح الشخصية إن كانت كلّها تتعلّق بذلك الجانب المشترك فهذا يعني أنّ هؤلاء المخبرين على الرغم من اختلاف ظروفهم وتباين أحوالهم اتّفق صدفةً أن كانت لهم مصالح متماثلة تماماً.
وإن كانت تلك المصالح الشخصية تتعلّق بالنسبة إلى كلّ مخبرٍ بكامل المدلول المطابقي فهذا يعني أنّها متقاربة ، وذلك أمر بعيد بحساب الاحتمالات ، وهذا ما نسمّيه بالمضعِّف الكيفي ؛ يضاف إلى ذلك المضعِّف الكمّي. ولهذا نجد أنّ قوة الاحتمال التي تحصل في هذه الحالة أكبر منها في الحالة السابقة.
والاحتمال القويّ هنا يتحوّل إلى يقينٍ بسبب ضآلة احتمال الخلاف ، ولا يلزم من ذلك أن ينطبق هذا على كل مائة خبرٍ نجمعها ؛ لأنّ المضعِّف الكيفيّ المذكور لا يتواجد إلاّفي مائةٍ تشترك ولو في جانبٍ من مدلولاتها الخبرية.
الحالة الثالثة : أن تكون الإخبارات مشتركةً في المدلول المطابقي بالكامل ، كما إذا نقل المخبِرون جميعاً أنّهم شاهدوا قضيةً معيّنةً من قضايا كرم حاتم ، وفي هذه الحالة يوجد المضعِّف الكمّي والمضعِّف الكيفي معاً ، ولكنّ المضعِّف الكيفي هنا أشدّ قوّةً منه في الحالة السابقة ؛ وذلك لأنّ مصالح الناس المختلِفين كلّما افترض تطابقها وتجمّعها في محورٍ أضيق كان ذلك أغرب وأبعد بحساب الاحتمالات ؛ لِمَا بينهم من الاختلاف والتباين في الظروف والأحوال ، فكيف أدّت مصلحة كلّ واحدٍ منهم إلى نفس ذلك المحور الذي أدّت إليه مصلحة الآخرين؟
هذا من ناحية ، ومن ناحيةٍ اخرى : إذا كان الكلّ ينقلون واقعةً واحدةً بالشخص فاحتمال الخطأ فيهم جميعاً أبعد ممّا إذا كانوا ينقلون وقائع متعدّدةً بينها