بذلك : السيرة على تصرّفٍ معيّنٍ في حالة الشكّ في أمرٍ واقعيٍّ اكتفاءً بالظنّ مثلاً ، من قبيل السيرة على الرجوع إلى اللغويِّ عند الشكّ في معنى الكلمة واعتماد قوله وإن لم يفد سوى الظنّ ، أو السيرة على رجوع كلّ مأمورٍ في التعرّف على أمر مولاه إلى خبر الثقة ، وغير ذلك من البناءات العقلائية على الاكتفاء بالظنّ أو الاحتمال في مورد الشكّ في الواقع.
أمّا النوع الأول فيستدلّ به على أحكامٍ شرعيةٍ واقعية ، كحكم الشارع بإباحة التصرّف في مال الغير بمجرّد طيب نفسه ، وبأنّ من حاز يملك ، وهكذا ، ولا ريب في انطباق ما ذكرناه عليه ، حيث إنّ الشارع لابدّ أن يكون له حكم تكليفيّ أو وضعيّ فيما يتعلّق بذلك التصرّف ، فإن لم يكن مطابقاً لما يفترضه العقلاء ويُجرُون عليه من حكمٍ كان على المعصوم أن يردعهم عن ذلك ، فسكوته يدلّ على الإمضاء.
وأمّا النوع الثاني فيستدلّ به عادةً على أحكامٍ شرعيةٍ ظاهرية ، كحكم الشارع بحجّية قول اللغويّ ، وحجّية خبر الثقة ، وهكذا.
وفي هذا النوع قد يستشكل في تطبيق ما ذكرناه عليه ، وتوضيح الاستشكال : أنّ التعويل على الأمارات الظنّية ـ كقول اللغويِّ وخبر الثقة ـ له مقامان :
المقام الأول : التعويل عليها بصدد تحصيل الشخص لأغراضه الشخصية التكوينية ، من قبيل أن يكون لشخصٍ غرض في أن يستعمل كلمةً معيّنةً في كتابه ، فيرجع إلى اللغويّ في فهم معناها ليستعملها في الموضع المناسب ، ويكتفي في هذا المجال بالظنّ الحاصل من قول اللغوي.
المقام الثاني : التعويل عليها بصدد تحصيل الشخص المأمور لمؤمِّنٍ أمام الآمر ، أو تحصيل الشخص الآمر لمنجّزٍ للتكليف على مأموره ، من قبيل أن يقول