على القليل والكثير ، وعلى الواحد والمتعدّد. فلو قيل : (أكرم العالم) وجرت قرينة الحكمة لإثبات الإطلاق كفى في الامتثال إكرام الواحد ؛ لانطباق الطبيعة عليه. وهذا معنى كون الإطلاق من حيث الأساس بدلياً دائماً ، وأمّا الشمولية فتحتاج إلى ملاحظة الطبيعة ساريةً في جميع أفرادها ، وهي مؤونة زائدة تحتاج إلى قرينة.
الثالث : أن يقال ـ خلافاً لذلك ـ : إنّ الماهيّة عندما تلحظ بدون قيدٍ وينصبّ عليها حكم إنّما ينصبّ عليها ذلك بما هي مرآة للخارج ، فيسري الحكم نتيجةً لذلك إلى كلِّ فردٍ خارجيٍّ تنطبق عليه تلك المرآة الذهنية ، وهذا معنى تعدّد الحكم وشموليته.
وأمّا البدلية ـ كما في متعلّق الأمر ـ فهي التي تحتاج إلى عناية ، وهي تقييد الماهية بالوجود الأول. فقول : (صَلِّ) يرجع إلى الأمر بالوجود الأوّل ، ومن هنا لا يجب الوجود الثاني.
وعلى هذا فالأصل في الإطلاق الشمولية ما لم تقم قرينة على البدلية.
وتحقيق الحال في المسألة يوافيك في بحثٍ أعلى إن شاء الله تعالى.
التنبيه الثالث : إذا لاحظنا متعلّق النهي في (لا تكذب) ومتعلّق الأمر في (صَلِّ) نجد أنّ الحكم في الخطاب الأوّل يشتمل على تحريماتٍ متعدّدةٍ بعدد أفراد الكذب ، وكلّ كذبٍ حرام بحرمةٍ تخصّه ، ولو كذب المكلّف كذبتين يعصي حكمين ويستحقّ عقابين.
وأمّا الحكم في الخطاب الثاني فلا يشتمل إلاّعلى وجوبٍ واحد ، فلو ترك المكلّف الصلاة لكان ذلك عصياناً واحداً ويستحقّ بسببه عقاباً واحداً. وهذا من نتائج الشمولية في إطلاق متعلّق النهي التي تقتضي تعدّد الحكم ، والبدليّة في إطلاق متعلّق الأمر الذي يقتضي وحدة الحكم.