لهذا الظهور ، إذ يثبتان ما يقوله المتكلّم ، فتنطبق حينئذٍ الكبرى التي هي مدلول لظهور التطابق المذكور.
وقاعدة الاحترازية التي تقوم على أساس هذا الظهور تقتضي انتفاء الحكم بانتفاء القيد ، إلاّأ نّها إنّما تنفي شخص الحكم المدلول لذلك الخطاب ، ولا تنفي أيَ حكمٍ آخر من قبيله ، وبهذا اختلفت عن المفهوم في موارد ثبوته ، حيث إنّه يقتضي انتفاء طبيعيّ الحكم وسنخه بانتفاء الشرط ، على ما تقدّم في الحلقة السابقة (١).
وأمّا في الحالة الثانية فقد انيط الحكم في مرحلة المدلول التصوريّ بذات الفقير ، وقد تقدّم أنّ مدلول اسم الجنس لا يدخل فيه التقييد ولا الإطلاق ، والدلالة التصديقية الأوّلية إنّما تنطبق على ذلك بمقتضى التطابق بينها وبين الدلالة التصورية للكلام.
وبهذا ينتج : أنّ المتكلّم قد أفاد بقوله ثبوت الحكم للفقير ، ولم يُفِد دخل قيد العدالة في الحكم ، ولم يقل ذلك ، لا أنّه أفاد الإطلاق وقال به ؛ لأنّ صدق ذلك يتوقّف على أن يكون الإطلاق دخيلاً في مدلول اللفظ وضعاً ، وقد عرفت عدمه ، فقصارى ما يمكن تقريره أنّه لم يذكر القيد ولم يقله. وهذا يحقّق صغرى لظهورٍ حاليٍّ سياقي ، وهو ظهور حال المتكلّم في أنّه في مقام بيان موضوع حكمه الجدّيّ بالكامل ، وهو يستتبع ظهور حاله في أنّ ما لا يقوله من القيود لا يريده في موضوع حكمه. وبذلك نثبت أنّ قيد العدالة غير مأخوذٍ في موضوع الحكم في الحالة الثانية ، وهو معنى الإطلاق ، وهذا ما يسمّى بقرينة الحكمة ، أو (مقدِّمات الحكمة).
__________________
(١) في بحث المفاهيم ، تحت عنوان : تعريف المفهوم.