وأمّا قوّة السبب على المباشر ، فليست بنفسها دليلاً على رجوع المغرور ، إلاّ إذا كان السبب بحيث استند التلف عرفاً إليه ، كما في المُكْرَه وكما في الريح العاصف الموجب للإحراق ، والشمس الموجبة لإذابة الدهن وإراقتها.

والمتّجه في مثل ذلك عدم الرجوع إلى المباشر أصلاً ، كما نُسب إلى ظاهر الأصحاب في المكره (١) ؛ لكون المباشر بمنزلة الآلة ، وأمّا في غير ذلك فالضمان أو قرار الضمان فيه يحتاج إلى دليل مفقود ، فلا بدّ من الرجوع بالأخرة إلى قاعدة الضرر ، أو الإجماع المدّعى في الإيضاح على تقديم السبب إذا كان أقوى (٢) ، أو بالأخبار الواردة في الموارد المتفرّقة (٣) ، أو كون الغارّ سبباً في تغريم المغرور ، فكان كشاهد الزور في ضمان ما يؤخذ بشهادته (٤).

ولا ريب في ثبوت هذه الوجوه فيما نحن فيه ، أمّا الأخير فواضح ، وأمّا الأوّل فقد (٥) عرفته ، وأمّا الإجماع والأخبار فهما وإن لم يردا في خصوص المسألة ، إلاّ أنّ تحقّقهما (٦) في نظائر المسألة كافٍ ، فإنّ‌

__________________

(١) نسبه صاحب الجواهر في الجواهر ٣٧ : ٥٧.

(٢) الإيضاح ٢ : ١٩١.

(٣) منها ما تقدّم في الصفحة ٤٩٤ وما بعدها.

(٤) في غير «ف» و «ن» : «لشهادته» ، راجع الوسائل ١٨ : ٢٣٨ و ٢٤٢ ، الباب ١١ و ١٤ من أبواب الشهادات.

(٥) في «ف» ، «ن» و «خ» : قد.

(٦) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : «تحقّقها» ، لكن صحّحت في «ن» ، «م» و «ص» بما أثبتناه.

۶۳۹۱