فقد تحقّق ممّا ذكرنا : أنّ حقيقة تمليك العين بالعوض ليست إلاّ البيع ، فلو قال : «ملّكتك كذا بكذا» كان بيعاً ، ولا يصحّ صلحاً ولا هبة معوّضة وإن قصدهما ؛ إذ التمليك على جهة المقابلة الحقيقيّة ليس صلحاً ، ولا هبة ، فلا يقعان به.
نعم ، لو قلنا بوقوعهما بغير الألفاظ الصريحة توجّه تحقّقهما مع قصدهما ، فما قيل من أنّ البيع هو الأصل في تمليك الأعيان بالعوض ، فيقدّم على الصلح والهبة المعوّضة (١) ، محلّ تأمّل ، بل منع ؛ لما عرفت من أنّ تمليك الأعيان بالعوض هو البيع لا غير.
نعم ، لو اتي بلفظ «التمليك بالعوض» واحتمل إرادة غير حقيقته كان [مقتضى (٢)] الأصل اللفظي حمله على المعنى
الحقيقي ، فيحكم بالبيع ، لكنّ الظاهر أنّ الأصل بهذا المعنى ليس مراد القائل المتقدّم ، وسيجيء توضيحه في مسألة المعاطاة في غير البيع إن شاء الله (٣).
الإيراد الأخير وجوابه
حقيقة القرض
بقي (٤) القرض داخلاً في ظاهر الحدّ ، ويمكن إخراجه بأنّ مفهومه ليس نفس المعاوضة ، بل هو تمليك على وجه ضمان المثل (٥) أو القيمة ، لا معاوضة للعين بهما ؛ ولذا لا يجري فيه ربا المعاوضة (٦) ، ولا الغرر
__________________
(١) انظر الجواهر ٢٢ : ٢٤٦.
(٢) لم ترد «مقتضى» في النسخ ، إلاّ أنّها زيدت في «ن» ، «ص» و «ش» تصحيحاً أو استظهاراً.
(٣) يجيء في الصفحة ٩١ عند قوله : الخامس في حكم جريان المعاطاة ..
(٤) في «ف» و «ن» : وبقي.
(٥) في «ف» : الضمان للمثل.
(٦) في «ف» : المعاوضات.