بتداركهما بالعوض ، كما في العمل المتبرّع به والعين المدفوعة مجّاناً أو أمانة ، فليس دليل الإقدام دليلاً مستقلا ، بل هو بيان لعدم المانع عن مقتضى اليد في الأموال واحترام الأعمال.

نعم ، في المسالك ذكر كلاّ من الإقدام واليد دليلاً مستقلا (١) ، فيبقى عليه ما ذكر سابقاً من النقض والاعتراض (٢).

الضمان فيما لا يرجع فيه نفع إلى الضامن

ويبقى الكلام حينئذٍ في بعض الأعمال المضمونة التي لا يرجع نفعها إلى الضامن ولم يقع بأمره ، كالسبق في المسابقة الفاسدة ، حيث حكم الشيخ (٣) والمحقّق (٤) وغيرهما (٥) بعدم استحقاق السابق اجرة المثل ، خلافاً لآخرين (٦) ، ووجهه : أنّ عمل العامل لم يعد نفعه إلى الآخر ، ولم يقع بأمره أيضاً ، فاحترام الأموال التي منها الأعمال لا يقضي بضمان‌

__________________

(١) المسالك ٣ : ١٥٤ ، و ٤ : ٥٦.

(٢) أمّا النقض ، فهو ما أفاده في الصفحة السابقة بقوله : «وبالجملة فدليل الإقدام .. منقوض طرداً وعكساً». وأمّا الاعتراض ، فهو ما ذكره في الصفحة ١٨٨ ١٨٩ بقوله : «لأنّهما إنّما أقدما وتراضيا وتواطئا بالعقد الفاسد على ضمان خاص لا الضمان بالمثل أو القيمة».

(٣) المبسوط ٦ : ٣٠٢ ، لكنّه نفى فيه استحقاق المسمّى ، وأمّا اجرة المثل فقد نسب إلى قومٍ ثبوته وإلى آخرين سقوطه.

(٤) الشرائع ٢ : ٢٤٠.

(٥) كالشهيد الثاني في المسالك ٦ : ١٠٩ ١١٠ ، والسبزواري في الكفاية : ١٣٩.

(٦) منهم العلاّمة في القواعد ١ : ٢٦٣ ، والتذكرة ٢ : ٣٥٧ ، وولده فخر المحقّقين في الإيضاح ٢ : ٣٦٨ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٨ : ٣٣٧.

۶۳۹۱