فردان صحيح وفاسد ، فيقال : إنّ ما نحن فيه والبيع بلا ثمن والإجارة بلا اجرة ، تمليك بلا عوض من مال الآخر ، والفرد الصحيح من هذه المعاملة وهي الهبة الغير المعوّضة لا ضمان فيها ، ففاسدها كذلك ، فتأمّل.
المناقشة في مستند المشهور
وبالجملة ، فمستند المشهور في مسألتنا لا يخلو من غموض ؛ ولذا لم يصرّح أحد بعدم الضمان في «بعتك بلا ثمن» مع اتّفاقهم عليه هنا (١) ، وصرّح بعضهم (٢) بضمان المرتشي مع تلف الرشوة التي هي من قبيل الثمن فيما نحن فيه. نعم ، ذكر الشهيد رحمهالله وغيره عدم الضمان في الإجارة بلا اجرة (٣).
ويؤيّد ما ذكرنا : ما دلّ من الأخبار على كون ثمن الكلب أو الخمر سحتاً (٤) ، وإن أمكن الذبّ عنه بأنّ المراد التشبيه في التحريم ، فلا ينافي عدم الضمان مع التلف كأصل السحت.
ثمّ إنّ مقتضى ما ذكرناه في وجه عدم الرجوع بالثمن : ثبوت
__________________
(١) لم ترد «هنا» في غير «ف» و «ش» ، واستُدركت في «ن».
(٢) صرّح به المحقّق في الشرائع ٤ : ٧٨ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٢٠٥ ، وفي المستند (٢ : ٥٢٧) هكذا : على المصرّح به في كلام الأصحاب بل نفي الخلاف بيننا عليه.
(٣) تقدّم عن الشهيدين في مبحث المقبوض بالعقد الفاسد (راجع الصفحة ١٨٦) ، واستحسنه السيّد الطباطبائي في الرياض ٢ : ٨ فيما لو اشترط عدم الأُجرة.
(٤) انظر الوسائل ١٢ : ٦١ و ٨٣ ، الباب ٥ و ١٤ من أبواب ما يكتسب به ، وغيرهما من الأبواب.