لم يقصد المعاوضة الحقيقية فالبيع غير منعقد ؛ فإن جعل العوض من عين مال غير المخاطب الذي ملّكه المعوّض (١) فقال : «ملّكتك فرسي هذا بحمار عمرو» ، فقال المخاطب : «قبلت» ، لم يقع البيع لخصوص المخاطب ؛ لعدم مفهوم المعاوضة معه ، وفي وقوعه اشتراءً فضوليّاً لعمرو كلامٌ يأتي.
وأمّا ما ذكره من مثال «مَن باع مال نفسه عن غيره» (٢) فلا إشكال في عدم وقوعه عن غيره ، والظاهر وقوعه عن البائع ولغوية قصده عن الغير ؛ لأنّه أمر غير معقول لا يتحقّق القصد إليه حقيقة ، وهو معنى لغويّته ؛ ولذا لو باع مال غيره عن نفسه وقع للغير مع إجازته كما سيجيء ولا يقع عن نفسه أبداً.
نعم ، لو ملكه فأجاز ، قيل بوقوعه له (٣) ، لكن لا من حيث إيقاعه أوّلاً لنفسه ؛ فإنّ القائل به لا يفرّق حينئذٍ بين بيعه عن نفسه أو عن مالكه ، فقصد وقوعه عن نفسه لغو دائماً ووجوده كعدمه.
إلاّ أن يقال : إنّ وقوع بيع مال نفسه لغيره (٤) إنّما لا يعقل إذا فرض قصده للمعاوضة الحقيقية ، لِمَ لا يجعل هذا قرينة على عدم إرادته
__________________
(١) في «ف» و «خ» : العوض.
(٢) راجع الصفحة ٢٩٨.
(٣) الظاهر أنّ القائل به كثير ، منهم : المحقّق القمّي في الغنائم : ٥٥٤ ناسباً إلى الأكثر ، ومنهم : كاشف الغطاء في شرحه على القواعد ، حيث قال في ذيل كلام العلاّمة : «وكذا لو باع مال غيره ثمّ ملكه» : «والأقوى عدم الاشتراط» ، راجع شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٦١.
(٤) في «ف» : بيع مال الغير لغيره.