فإن قلت : الحاجة إلى الأصل إنّما هو للفراغ عن حكم الخاصّ ، لا للإدخال تحت العموم ؛ لصدق عنوان العام بلا حاجة إلى الأصل ، وعنوان الخاصّ لا ينتفي بالأصل المذكور ؛ إذ الانتساب وكون المرأة من قريش لا يكون موضوعا بوجوده المحمولي ، بل بوجوده الرابط ، فنفي كونه المحمولي ليس نفيا لعنوان الخاصّ ؛ حتى ينفى به حكمه ، بل ملازم له ؛ بداهة عدم إمكان الكون الرابط مع نفي الكون المحمولي عقلا ، فالأصل بالنسبة إلى عنوان الخاصّ مثبت.
قلت : ليس الغرض من الأصل ـ هنا وفي أمثاله ـ نفي عنوان الخاصّ به بدوا ، بل إحراز عنوان مضادّ لعنوان الخاصّ من العناوين الداخلة تحت العموم ، فينفى حكم الخاصّ بمضادّة هذا العنوان المحرز المحكوم بخلاف حكمه ، فما هو المترتّب على الأصل ـ بلا واسطة شيء ـ هو حكم العامّ الثابت له بأيّ عنوان غير العنوان الخارج ، وثبوت هذا الحكم لهذا الموضوع المضادّ للعنوان الخارج يوجب نفي ضدّه ، وهو حكم الخاصّ.
لا يقال : يمكن نفي عنوان الخاصّ ـ أيضا ـ فإنّ نقيض الوجود الرابط عدمه ، لا العدم الرابط ، والوجود الرابط مسبوق بالعدم وإن لم يكن مسبوقا بالعدم الرابط.
لأنا نقول : حيث إنّ اللازم نفي عنوان الخاصّ عن المرأة حتى ينفى حكمه عنها ، فاللازم أن يصدق عليها أنّها ليست بقرشية ـ مثلا ـ وإلاّ فعدم وجود المرأة القرشية لا يجدي في حكم هذه المرأة نفيا وإثباتا.
لا يقال : فكذا عدم الانتساب ، فإنّ ذات القيد وإن كان قابلا للاستصحاب ، إلاّ أنّ التقيّد به لا وجداني ولا تعبّدي ؛ إذ التقيّد به ليس على وفق الأصل.