لعدم انبعاث الشوق عنها ، وفي مثله يصحّ النهي ، والترك حينئذ بواسطة النهي ، فلا ينحصر دعوة النهي في صورة حدوث الميل حتّى يكون النهي منحصرا في صورة الكفّ ، بل عدم حدوث الميل والشوق ربما يكون بواسطة النهي. فتدبّر.
١٤٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وتوهّم أنّ الترك ومجرّد ... الخ ) (١).
لا يخفى أن حديث عدم تأثير القدرة في العدم المنقول في وجه هذا الاستدلال أمر متين ، كما بينا وجهه سابقا ؛ حيث إن القدرة الجسمانية هي القوة المنبثّة في العضلات على الحركات المترتّبة عليها ، والقدرة النفسانية قوّة النفس على الإرادة وسائر الافعال النفسانية ، كما عن الشيخ الرئيس في التعليقات (٢) ، والعدم ليس أمرا مترتّبا على العضلات ، ولا مما يحتاج في بقائه على حاله إلى تعلّق الإرادة به ؛ بداهة أنّ عدم المعلول بعدم العلّة ، فلا تأثير للقدرة في العدم.
نعم مقدورية الترك ومراديته على طبق (٣) مقدورية الفعل ومراديته ، ولذا قالوا : القدرة بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، لا إن شاء لم يفعل ، وليس للقدرة والمشيّة إضافة بالذات إلى عدم الفعل ، وهذا المقدار مصحّح للتكليف به.
وتفسير القدرة بصحّة الفعل والترك وإمكانهما تفسير بلازمها ، وإلا فالإمكان والصحّة صفة الفعل والترك والقدرة صفة القادر. نعم لازم وجود مثل هذه القوّة في الفاعل إمكان صدور الفعل ولا صدوره منه ، وبلحاظ هذه القوّة يكون الشخص فاعلا بالقوة وبضميمة الإرادة بمباديها يخرج من القوة إلى الفعل فيكون فاعلا بالفعل ، فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٩ / ٧.
(٢) التعليقات : ٥١.
(٣) في الاصل : على طبع ...