كإرادة الفعل في زمان وإرادة خلافه في ذاك الزمان.
وليعلم أنّ الأشياء الخارجية كما هي من مراتب علمه ـ تعالى ـ بالعرض كذلك من مراتب إرادته الفعلية ، فهي إرادة ومرادة ، وتغيّر الإرادة بهذا المعنى دائمي في الأمور التدريجية ، كتغيّر العلم بهذا المعنى.
وأمّا إرادته الذاتية ، كعلمه الذاتي ، فتغيّر المرادات ـ كتغيّر المعلومات ـ لا يوجب تغيّرها ؛ إذ المعلوم بالذات والمراد بالذات في مرتبة ذاته نفس ذاته ـ تعالى ـ وغيره معلوم ومراد بالتبع ، فالعلم واحد والإرادة واحدة وإن تعدّد المعلوم والمراد بالعرض ، فتعدّدهما وتغيّرهما لا يوجبان (١) التعدّد والتغيّر في العلم والإرادة ، فليس لازم البداء تغيّر العلم والإرادة ؛ بملاحظة أنّ حقيقته ظهور ما خفي أوّلا ، بل العلم والإرادة فيه ـ تعالى ـ حيث إنّهما واحد ، فلازمه كون موت زيد ـ مثلا ـ معلوما ومجهولا ومرادا وغير مراد ، لا تغيّر العلم والإرادة ، فافهم ، فإنه دقيق.
٣١٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( بعالم لوح المحو والإثبات ... الخ ) (٢).
وهو عالم مثال الكلّ ، ومنزلته من عالم اللوح المحفوظ منزلة الخيال من القوّة العقلية ، وفيه صور ما في عالم اللوح المحفوظ بنحو الجزئية ، كما أنّ في عالم اللوح المحفوظ ـ الذي هو عالم النفس الكلّية ـ صور دقائق المعاني بنحو العقلية التفصيلية ، كما أنّ ما فوقه عالم العقل الكلّي ، وفيه صور عقلية إجمالية ، فهذا عالم الجمع العقلي ، وما تقدّمه عالم الفرق العقلي ، وما تقدّمه عالم المثال الجزئي.
ولبراءة عالم النفس الكلّية عن شوب الجزئية والتجدّد والتصرّم ، سمّي عالم اللوح المحفوظ ، ولشوب عالم المثال بالتجدّد والانصرام سمّي عالم لوح
__________________
(١) في الأصل : لا يوجب ..
(٢) كفاية الأصول : ٢٣٩ / ٢١.