كيف يعلّل عدم الوجوب الغيري بما يتوقّف على وجوده؟! ضرورة أنّ السبق واللحوق متضايفان كالعلية والمعلولية ، والمتضايفان متكافئان في القوة والفعلية.

ومنه علم حال السبق بالطبع ، فإن الوجوب النفسي إنما يوصف بالسبق بالطبع مع اتصاف الوجوب الغيري بالتأخّر الطبعي ، وهو هنا محال.

والسبق والتأخر متضايفان ، وكون الوجوب النفسي في نفسه كذلك إذا اضيف إلى الوجوب الغيري لا يجدي إذا لم يكن كذلك بالفعل ، بل الوجه لاتصافه بالوجوب النفسي دون الغيري : هو أنّ الوجوب الغيري وجوب معلولي متقوّم بالوجوب النفسي ، فوجوده بلا وجوده محال ، وهما معا أيضا كذلك لما عرفت ، بخلاف الوجوب النفسي فقط فإنه لا مانع منه.

وبعبارة اخرى : تأثير ملاك الوجوب الغيري مشروط بتأثير ملاك الوجوب النفسي دون العكس ، وما كان تأثيره منوطا بشيء لا يعقل أن يمنع عن تأثيره.

٩ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( فتأمّل ... الخ ) (١).

قد أفاد (قدس سره) في وجهه في الحاشية (٢) ما لفظه : ( وجهه أنه لا يكون فيه أيضا ملاك الوجوب الغيري حيث إنه لا وجود له غير وجوده في ضمن الكلّ ؛ ليتوقف (٣) على وجوده ، وبدونه لا وجه لكونه مقدّمة كي يجب بوجوبه أصلا ... الخ ).

ولا يخفى عليك أنّ مقدّمية الأجزاء : إما بلحاظ شيئية الماهية ، أو الوجود ، والأجزاء ـ بالاعتبار الأوّل ـ علل القوام ، ولها السبق بالماهية والتجوهر ، وبالاعتبار الثاني علل الوجود ، غاية الأمر أنها علل ناقصة ، والملاك في هذا

__________________

(١) كفاية الاصول : ٩١ / ٤.

(٢) أي في حاشية المصنف ( قده ) على كفايته : ٩١.

(٣) في الكفاية ـ تحقيق مؤسستنا ـ : يتوقف.

۵۱۰۱