التقييد عقليا ، بل النهي مسوق لأجل إخراج هذه الموارد عن تحت الإطلاقات والعمومات ، فلا يكون في البين ما يمكن التقرّب به ـ من الأمر وملاكه ـ بلا حاجة إلى المبغوضية الفعلية ـ ولو من جهة الحرمة التشريعية ـ في المنع عن التقرّب ؛ لأنّه إنّما يتوقّف على ذلك مع وجود ما يصلح للتقرّب به.
نعم ، هذه الدعوى إخراج للنهي عن ظاهره ـ وهو التحريم ـ ودلالته على الحرمة التشريعية ليست إلاّ بالملازمة ، وإلاّ فالنهي متعلّق بنفس الفعل بعنوانه ـ لا بعنوان آخر ـ لكنه لا بأس بصرف الظهور في هذه الموارد ، فيكون كالأمر عقيب الحظر ، فإنه لمجرّد الإذن هناك ، كما أنه لمجرّد رفع الإذن هنا.
٢٤١ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( أو بمضمونها ـ بما هو فعل ـ بالتسبيب أو بالتسبّب ... الخ ) (١).
لا يخفى أنّ المعقول في كلّ معاملة حقيقية امور ثلاثة :
أحدها : العقد الإنشائي ـ مثلا ـ وهو ذات السبب.
وثانيها : التسبّب به إلى الملكية ـ مثلا ـ وهو الفعل التوليدي : فإنّ إيجاد الملكية ليس من الأفعال التي تتحقّق بمباشرة المكلّف ؛ إذ ليس المبدأ فيه عرضا من أعراضه القائمة به كنفس العقد اللفظي القائم به.
وبعبارة اخرى : ليس المبدأ قائما به حقيقة ـ وبلا واسطة في العروض ـ ، بل فعل يتولّد من فعل آخر قائم به حقيقة بالمباشرة ، وهذا الفعل قد يعبّر عنه بالمسبّب ؛ لأنّ العقد آلة هذا الإيجاد.
وثالثها : نفس الملكية ، وقد يعبّر عنها بالأثر وبالمسبّب أيضا ، وقد مرّ غير مرّة : أنّ الإيجاد والوجود متّحدان بالذات مختلفان بالاعتبار ، فمن حيث قيامه بالمكلّف قيام صدور إيجاد ، ومن حيث قيامه بالماهية قيام حلول واتحاد وجود.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٨٧ / ١٥.