إذا لم تكن بالفعل كذلك ، فيمتنع أن تنقلب عما هي عليه.

هذا والظاهر أنّ المراد من ( الإله ) هو المعبود من ( أله ) بمعنى ( عبد ) ، فهو بمعنى المصدر المبنيّ للمفعول ، وأنّ التوحيد المراد ليس التوحيد في وجوب الوجود ، ولا في الصانعية والخالقية ، بل في المعبودية في قبال المشركين في العبادة ، فإنّ مشركي العرب كانوا عبدة الأصنام ، لا أنّهم كانوا يعتقدون وجوب وجودها أو خالقيتها.

وعليه فنقول : إذا اريد المعبودية (١) ـ التي هي من الصفات الفعلية المضايفة للعابدية ـ فنفي الفعلية لا يستلزم نفي الإمكان ، كما عرفت في الخالقية ، فكما لم تكن فيه ـ تعالى ـ فكانت ، فليكن في غيره ـ تعالى ـ كذلك ، وتقييد المعبود بكونه حقّا لا يفيد ؛ إذ مع عدم العبادة ليس هناك معبود بالحقّ حقيقة لتقوّمه من حيث التضايف بالعابدية ، فكما أنّ نفي الفعلية فيه ـ تعالى ـ لا يكشف عن عدم الإمكان ، فكذلك في غيره ـ تعالى ـ.

نعم ، الإله بمعنى المستحقّ للعبادة ـ وإن لم يعبد بالفعل ـ راجع إلى الصفات الذاتية الراجعة إلى نفس الذات ، فإنّ استحقاق العبادة من أجل المبدئية والفيّاضية ، فيستحقّ العلّة انقياد المعلول لها وتخضّعه لها ، فنفي فعلية هذا المعنى في غيره ـ تعالى ـ لعدم كونه بذاته مبدأ مقتضيا لذلك ، ويستحيل أن ينقلب عمّا هو عليه.

__________________

(١) لا يخفى أنه ليس الغرض من أنّ المعبودية من الصفات الفعلية أنّها كالخالقية من الصفات المنتزعة عن مقام فعله الإطلاقي ، كعلمه الفعلي ومشيّته الفعلية ، بل الفعلية في قبال الإمكان ؛ أي من الصفات المنسوبة إليه بالفعل ، وإن كان المبدأ قائما بالعابد ، وتصحيح انتزاع عنوانين متضايفين من الطرفين ، كقيام العلم بالعالم المصحّح لانتزاع وصفين متضايفين باعتبار صدق المعلوم على المعلوم الخارجي بالعرض. منه عفي عنه.

۵۱۰۱