وبالجملة : انتفاء ناقض العدم لا يوجب بقاء العدم المطلق على حاله ، بل عدم ما هو بديل له ، فليس تعليق الوجوب بهذا المعنى أيضا مقتضيا لانتفاء سنخ الحكم.
بل التحقيق : أنّ المعلّق على العلّة المنحصرة نفس وجوب الإكرام المنشأ في شخص هذه القضية ، لكنه لا بما هو متشخّص بلوازمه ، فإنّ انتفاءه بانتفاء موضوعه ، وإنّ شخص علّته ـ وإن لم تكن منحصرة ـ عقلي ، لا يحتاج إلى إفادة انحصار علّته بأداة أو غيرها ، بل بما هو وجوب ، فإذا كانت علّة الوجوب ـ بما هو وجوب ـ منحصرة في المجيء ـ مثلا ـ استحال أن يكون للوجوب فرد آخر بعلّة اخرى.
فالمعلّق على المجيء ليس الوجود بحيث لا يشذّ عنه وجود ، ولا الوجود بمعنى ناقض العدم المطلق ، ولا الوجود الشخصي بما هو شخصي ، بل بما هو وجود الوجوب ، فيدلّ على أنّ الوجوب لو كان له فرد كانت علته المجيء ، وإلاّ لزم الخلف.
٢٥٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد ... الخ ) (١).
بل من فوائد انحصار العلّة ، وإلاّ فكون شيء علّة للوجوب ـ بما هو وجوب ، لا بما هو شخص من الوجوب ـ لا يقتضي عدم إمكان قيام غيره مقامه.
٢٥٩ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ولعلّ العرف يساعد ... الخ ) (٢).
اعلم أنّ الوجه الأوّل والثاني مشتركان في التصرّف في الخصوصية المستفادة من منطوق القضية المستتبعة للمفهوم ، والثاني يمتاز عن الأوّل بزيادة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٠٠ / ١١.
(٢) كفاية الأصول : ٢٠١ / ١٦.