نعم هنا إشكال آخر : في شرطية العصيان بنحو المقارن ؛ نظرا إلى أنّ معصية الأمر بالأهمّ علّة لسقوطه ، فلا ثبوت له حال العصيان ؛ كي يجتمع مع الأمر بالمهمّ في ذلك الآن ، بخلاف ما إذا كان العزم شرطا ، أو العصيان شرطا متأخّرا ، ولا يندفع بما يندفع [ به ] الإشكال المتقدّم من كون التقدّم رتبيا.
كما ربما يقال : من أنّ الترتّب بين توجّه الخطاب وسقوطه ـ بالعصيان أو الإطاعة ـ بالرتبة لا بالزمان ، بل ربّما يقاس بانحفاظ الإرادة التكوينية حال انبعاث العضلات عنها ، مع أنّ توجّه الخطاب ـ المساوق لفعليّته وتحقّقه بحقيقة الحكمية ـ نقيض سقوطه وعدمه بعد وجوده ، فكيف يجتمع الثبوت والسقوط في زمان واحد ؛ حتى يقال : بأنّ تقدّم الثبوت على السقوط رتبي؟! ولا يقاس بانحفاظ الإرادة التكوينية ؛ لأنها علّة لحركة العضلات ، فلا بدّ من ثبوتها حالها تحقيقا للعلّية والتأثير ، وليس هذا الملاك في الحكم بالإضافة إلى عصيانه.
لا يقال : إذا كان العصيان علّة للسقوط ، فلا بدّ من مقارنتها زمانا (١) ؛ حيث إنه علّة تامّة أو جزؤها الأخير ، فلا يتخلّف عن معلولها (٢) ، وإذا لم يكن علة فما العلّة لسقوط الأمر بعد ثبوته؟ وهل حاله في العلّية للسقوط إلاّ حال الإطاعة على ما هو المعروف؟.
لأنا نقول : يستحيل علّية الإطاعة (٣) والعصيان لسقوط الأمر ، فإنّ الأمر
__________________
(١) الأوفق بالسياق : ( فلا بدّ من مقارنته له ... ) ، والظاهر أنه تصحيف من ( مقارنتهما ).
(٢) الصحيح : فلا يتخلّف عن معلوله.
(٣) قولنا : ( لأنا نقول : يستحيل علّيّة الإطاعة ... إلخ ).
يمكن الإشكال على كلا الوجهين :
أما على الوجه الأول ـ فبما تقدّم مرارا : من أنّ الأمر بوجوده العلمي علّة للانبعاث والإطاعة ، فلا مانع من أن تكون الإطاعة علّة لعدم الأمر بوجوده العيني ، وليس الأمر بوجوده العيني علّة لوجوده العلمي حتّى يعود المحذور.
وأمّا على الوجه الثاني ـ فبأنّ عدم الأثر وإن كان مانعا عن التأثير ـ ولذا قلنا : بأنّ عدم