بهما في غاية الوضوح ؛ إذ ليس وجوب القضاء وعدمه حكمين للمأمور به الاضطراري والظاهري ، بل الوجوب وعدمه حكمان للقضاء.
وأما الصحّة بمعنى مسقطية المأتيّ به للأمر بالإعادة والقضاء ، فربما يتخيّل : أنّها (١) حيث لا تكون عقلية فهي جعلية بتبع إنشاء عدم وجوب الإعادة والقضاء.
ويندفع : بأنّ العلّة لعدم الأمر بالقضاء هي مصلحة التسهيل المانعة عن اقتضاء بقيّة المصلحة للمبدل للقضاء ، وهي واقعية لا جعلية ، وعنوان العلّية لعدم الأمر بالقضاء كعنوان معلولية عدم الأمر بالقضاء ، وإن كان كلّ منهما ينتزع عند إنشاء عدم الأمر بالقضاء ، إلاّ أنهما مجعولان بالجعل التكويني التابع للجعل التشريعي ، كما في علّية مصالح الأحكام لها ، فإنّ عنواني العلّية والمعلولية هناك وإن كانا منتزعين عند جعل الأحكام إلاّ أنّهما غير مجعولين تشريعا ولو تبعا ، كما أشرنا إلى تفصيله في مبحث الاحكام الوضعية.
٢٣٠ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وأما الصحّة في المعاملات فهي تكون مجعولة ... الخ ) (٢).
لا ريب في أن الاعتبارات المترتّبة على العقود والإيقاعات امور مجعولة شرعا أو عرفا ، ومعنى صحّتها ترتّب تلك الآثار عليها ، إلاّ أنّه ليس المجعول إلاّ نفس الأثر ، دون ترتّبه على مؤثّره ، فإنه عقلي ، ولا يقاس بترتّب الحكم على موضوعه ، فإنّ إيجاب الشيء تعلّقي ، فتعلّقه عين ترتّبه ، بخلاف المعلول بالإضافة إلى علّته ، فإنّ نفسه شرعي ، إلا أنّ ترتّبه على علّته قهري ، وكذا عنوان العلّية كعنوان المعلولية ، وإن توقّف انتزاعهما على تحقّق الاعتبار الشرعي ، لكن قد
__________________
(١) في الأصل : من أنّها ...
(٢) كفاية الأصول : ١٨٤ / ٧.