والزجر الحقيقيّين ـ يمكن تعلّقه بالمعدوم ، بناء على مبناه ـ قدّس سرّه ـ من صحّة تعلّق الإرادة والبعث حقيقة بأمر استقبالي ، فإنّ إرادة شيء فعلا ممن يوجد استقبالا ، كإرادة ما لم يمكن فعلا ، بل يمكن تحقّقه استقبالا ؛ اذ المراد منه كالمراد ليس موضوعا للإرادة ـ كي يتوهّم أنّه من باب العرض بلا موضوع ـ بل موضوعها النفس ، والمراد منه كالمراد تتقوّم به الإرادة الخاصّة في مرتبة وجودها ، لا في مرتبة وجودهما.

وهكذا البعث ؛ فإنّه فعل قائم بالفاعل ، وله تعلّق في مرتبة وجوده الاعتباري بالمبعوث والمبعوث إليه ، وليس كالتحريك الخارجي المماسّ بالمحرّك والمتحرّك.

ومنه ظهر : أنّ الإرادة والبعث ليسا كالملكية ، فإنّ الملكية عرض قائم بالمالك والمملوك ، لا بالمملّك ، بخلاف الإرادة ـ مثلا ـ فإنّها عرض قائم بالمريد ، لا بالمراد والمراد منه ، فتجويز تعلّق الإرادة بالمعدوم لا يوجب جواز تعلّق الملكية بالمعدوم.

وأمّا على ما سلكناه ـ ومرّ مرارا ـ من أنّ حقيقة البعث والزجر جعل ما يمكن أن يكون باعثا أو زاجرا ـ بحيث لو انقاد العبد لمولاه انبعث فعلا ببعثه ، وانزجر بزجره ـ فلا محالة لا يعقل تعلّقه بالمعدوم فعلا ـ وإن كان يوجد استقبالا ـ إذ لا طرف للبعث فعلا حتى يمكن انبعاثه فعلا ، فلا بعث إلا إنشاء.

وكذا الأمر في الإرادة ، فإنّها ليست مجرّد الشوق ؛ كي يعقل تعلّقه بمن سيوجد ، بل الشوق المحرّك نحو البعث في التشريعية ، ونحو الفعل في التكوينية ، وقد عرفت حال البعث.

وأما الملكية فالأمر فيها على خلاف التكليف ، كما سيأتي (١) إن شاء الله

__________________

(١) وذلك في التعليقة الآتية.

۵۱۰۱