الخلط بين الأمر الانتزاعي والكيف النفساني. هذا ، إلاّ أنّ القابل للاستصحاب هو الحكم بالمعنى الأوّل فإنه المجعول القابل لجعل مماثله ، وأما الإرادة والكراهة فهما صفتان نفسيتان ، لا أمران جعليان.
نعم ، لو رتب على الإرادة أثر شرعي صحّ التعبّد بها بلحاظ أثرها ، لكن ليس البعث المنبعث منها أثرا مترتّبا عليها شرعا ، بل ترتّبه عليها من باب ترتّب المعلول على علّته عقلا وإن كان ذات المترتب شرعيا ، فليس البعث بالإضافة إلى الإرادة كالحكم بالإضافة إلى موضوعه وعنوان العلية وعنوان المعلولية وإن كانا متضايفين ، ويصحّ عند التعبّد باحدهما ترتيب الأثر على الآخر ، إلاّ أنّ ذات الإرادة والبعث ليسا متضايفين ؛ حتى يكون التعبّد بأحدهما تعبّدا بالآخر.
نعم لو كان دليل الاستصحاب لتنجيز الواقع ـ لا لجعل الحكم المماثل ـ صحّ استصحاب الإرادة ؛ لأنّ اليقين بها كما يكون منجّزا لها حدوثا ، يكون بحكم الاستصحاب منجّزا لها بقاء ، وتنجيز الإرادة حدوثا وبقاء ـ وترتّب استحقاق العقوبة على مخالفتها على تقدير مصادفتها ـ أمر معقول.
١٣٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لوضوح أن الواحد لا يكاد يصدر من الاثنين ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك أنّ قاعدة : ( عدم صدور الكثير عن الواحد وعدم صدور الواحد عن الكثير ) مختصّة بالواحد الشخصي ، لا الواحد النوعي ، كما يقتضيه برهانها في الطرفين ، فإنّ تعيّن كلّ معلول في مرتبة ذات علته ؛ لئلا يلزم التخصّص بلا مخصّص ، وكون الخصوصية الموجبة لتعينه ذاتية للعلة ؛ إذ الكلام في العلة
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٤١ / ٢.