مضافا إلى أن موضوع الإرادة والكراهة وسائر الكيفيات النفسانية هي النفس ، فلا يعقل قيامهما بشيء غير النفس ، وتعلقهما بوجود الطبيعة بنحو العنوانية لا مانع منه بعد عدم كونه في مرتبة تعلّقهما به من الموجودات الخارجية ، ولذا لا شبهة في تعلّق الإرادات بوجود الطبيعة بما هي في أزمنة متفاوتة ، أو بالنسبة إلى أشخاص مختلفة ، فيعلم منه قبول وجود الطبيعة بما هي للمعروضية للإرادات والكراهات.

وإن اريد أنّ الفعل في مرتبة تعلّق الإرادة به في النفس لا يقبل تعلق (١) إرادة اخرى به بحده ؛ بداهة أنّ نشخّص الإرادة بالمراد ، كالعلم بالمعلوم ، فهو صحيح ، إلا أنه من باب لزوم ما لا يلزم لحصول الغرض بإرادة وجود الصلاة مرتين ، أو إرادته تارة وكراهته اخرى ، من غير لزوم تعلّق الإرادة به في مرتبة تعلّق إرادة اخرى به ؛ لوضوح أن الكلام في عدم تعلّق وجوبين بالفعل الواحد بأيّ نحو من التعلّق.

والتحقيق : أن الامتناع ليس بملاك اجتماع المتماثلين والمتضادّين ـ كما هو المشهور عند الجمهور ـ بل لأن الإرادة علّة للحركة نحو المراد ، فان كان الغرض الداعي إلى الإرادة واحدا فانبعاث الإرادتين منه في قوّة صدور المعلولين عن علّة واحدة ، وهو محال. وإن كان الغرض متعدّدا لزم صدور الحركة عن علّتين مستقلّتين ، وهو محال.

لا يقال : هذا في الإرادة التكوينية دون التشريعية.

لأنا نقول : لا فرق بينهما إلا بكون الاولى علّة تامّة للحركة نحو المقصود ، والثانية علّة ناقصة ، ولازمها التأثير بانضمام إرادة المكلّف ، فيلزم صدور الواحد عن الكثير أيضا.

__________________

(١) في الأصل : ( لا يقبل لتعلّق ... ).

۵۱۰۱