للمأمور تحصيلا لفعله الاختياري الملائم للباعث ، فلا بدّ من أن يكون بحيث إذا انقاد المأمور حصل منه الانبعاث بسبب البعث. ومجرّد علّية البعث للفعل لا يقتضي تأخّر زمان العمل ، بل الأصل فيه المقارنة ، ففي أيّ زمان فرض فيه البعث يمكن فرض الانبعاث به عند الالتفات.
وأما تأخّر الانبعاث خارجا ـ بل انفكاكه أصلا عن البعث ـ فهو غير ضائر ؛ لأنّ مضايف البعث الإمكاني هو الانبعاث إمكانا لا خارجا.
٣٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( غاية الأمر يكون من باب الشرط المتأخّر ... الخ ) (١).
تحقيق المقام أنّ القدرة في الإرادة التكوينية شرط مقارن لها ، ولذا قالوا : إنّ نسبة الإرادة إلى القدرة نسبة الوجوب إلى الامكان ؛ بمعنى أنّ حركة العضلات بالنسبة إلى القوة المنبثّة في العضلات ـ وهي القدرة التي بسببها يتصف الفاعل بكونه قادرا على الحركات الخاصّة ـ ممكنة الصدور ، وبالإرادة تخرج من حدّ الإمكان إلى الوجوب ، فما لم تكن القوة المنبثّة في العضلات ـ وهي القوّة المحرّكة ـ متحقّقة لا يتحقّق الإرادة التكوينية الباعثة على هيجان القوة المحركة ، وخروج الحركات عن حدّ الإمكان إلى الوجوب ، وإن أمكن تعلّق الشوق بها باعتقاد وجود القوة المحرّكة ، لكنك عرفت سابقا : أنّ مجرّد الشوق لا يكون إرادة ، بل ربما قيل بإمكان اشتياق المحال.
وأما الإرادة التشريعية فهي وإن لم تكن مخرجة لفعل الغير من حدّ الإمكان إلى الوجوب ، بل المخرج إرادة الغير. لكن الشوق إلى فعل الغير ما لم يبلغ مبلغا ينبعث منه الشوق الأكيد إلى البعث ، لا يكن مصداقا للإرادة التشريعية ، ومن الواضح أن الشوق إلى البعث بنفسه وإن كان إرادة تكوينية
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٣ / ١٢.