فإن قلت : هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن لمقولة الإضافة وجود في الخارج ، وإلاّ فلا بدّ لهذا الموجود في السابق [ من ] علّة وجودية ؛ حيث إنه لم يتحقّق من المكلّف مثلا ، إلاّ الصوم في السابق ، والاغسال (١) في اللاحق ، ودخل المتأخّر في وجود المتقدّم يوجب عود الإشكال.
قلت : مقولة الإضافة وإن كانت موجودة في الخارج ، وليست من الاعتبارات الذهنية كالكلّية والجزئية والجنسية والنوعية ـ كما هو الحقّ المحقّق في محله (٢) ـ لكن غاية ما يقتضيه البرهان وكلمات الأعيان أنّها موجودة في الخارج ، أما استقلالا فلا.
توضيحه : أن للوجود ـ كما هو المقرّر في مقرّه ـ درجات ومراتب من البروز والظهور ، مختلفة في الشدة والضعف :
فمنها مرتبة وجود الواجب ـ عزّ اسمه ـ الذي هو صرف حقيقة الوجود الغير المحدود إلى أن تنتهي المراتب إلى وجود الأعراض التي نحو وجودها هو وجودها لموضوعاتها. والأعراض أيضا مختلفة في الشدّة والضعف :
فمنها كالكيفيات النفسانية مثل العلم والإرادة ، ودونها في المرتبة السواد والبياض وما شابههما من الأعراض إلى أن ينتهي العرض في ضعف الوجود إلى حدّ يكون نحو وجوده عبارة عن كون الشيء في الخارج بحيث إذا عقل عقل معه معنى آخر.
فوجود الإضافة ـ نظير وجود المحمولات الاشتقاقية ـ بوجود موضوعاتها فكما أنّ وجود ـ زيد المتلبس بصفة العلم وجود للماهية الشخصية الزيدية ، ووجود لعنوان العالم في الخارج دون الذهن ، فكذلك وجود الفوقية
__________________
(١) كذا في الأصل ، والأوفق بالسياق : والاغتسال ..
(٢) منطق الشفاء ١ : ١٦١ في مقولة الإضافة. والأسفار ٤ : ٢٠٠ ، الفصل الخامس والسادس في الإضافة.