[ في الثواب والعقاب على الأمر الغيري ]
٥٢ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا ريب في استحقاق الثواب على امتثال الأمر ... الخ ) (١).
توضيحه : أن المراد بالعقل (٢) الحاكم بالاستحقاق هو العقل العملي ، الذي من شأنه أن يدرك ما ينبغي فعله أو تركه ؛ أي القوة المميزة للحسن والقبح ، ولكن باعتبار مدركاته ، وهي المقدمات المحمودة والآراء المقبولة عند عامة الناس ؛ الموجبة لحكمهم بمدح الفاعل أو ذمه ـ كما ذكر في محلّه ـ فالموجبة لكذا وكذا هي المعقولات ، لا القوة التي ليس شأنها إلا الإدراك.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٠ / ٨.
(٢) قولنا : ( توضيحه : أنّ المراد بالعقل ... إلخ ).
لا يخفى أن القول بالثواب والعقاب : تارة بملاحظة جعل الشارع ، واخرى بملاحظة حكم العقل ، وثالثة بملاحظة العلاقة اللزومية بين الفعل وما يترتب عليه من المثوبة والعقوبة :
أما الأول ـ فتقريبه : إنّ قاعدة اللطف كما تقتضي إعلام العباد بما فيه الصلاح أو الفساد بالبعث نحو الأوّل والزجر عن الثاني ، كذلك تقتضي تأكيد الدعوة في نفوس العامّة بجعل الثواب والعقاب ، فالعبد بعمله يستحق ما جعله المولى من المثوبة والعقوبة بحقيقة معنى الاستحقاق.
وأما الثاني ـ فبما ذكرناه في متن الحاشية ، فالاستحقاق فيه ثوابا وعقابا ـ كالاستحقاق مدحا وذمّا ـ راجع إلى أن الفعل بحيث يكون المدح والثواب أو الذم والعقاب [ عليه ] من المولى أو العقلاء في محلّه ، لا أنه يملك الشخص على المولى أو العقلاء ثوابا وأجرا أو مدحا ، والاستحقاق ـ بمعنى أنه حقيق بالمدح والأجر ـ لا ينافي التفضّل ؛ اذ كلّ إفاضة من المبدأ الأعلى الجواد بذاته سواء كان بإيجاد الشخص أو رزقه ، أو إعلامه بصلاحه وفساده ، أو إعطاء الثواب على عمله ـ بمقتضى جوده الذاتي ، لا باقتضاء من طرف القابل إن كان قبول المورد في فعلية الإضافة لازما.
وأما دعوى (أ) أن الإطاعة لازمة من العبد أداء لحقوق المولوية ؛ لئلا يكون ظالما لمولاه ، فهي
__________________
(أ) كما في التقرير ، على ما جاء في هامش ( ن ) و ( ق ).